علم النفس الحديث من منظور إسلامي
Table of Contents
علم النفس الحديث
بالرغم من أن علم النفس يمتلك ماضيا سحيقا يشهد على محاولات الإنسان لدراسة سلوكه إلا أن تاريخه كعلم حديث لا يزيد عن المائة عام بل إن التطور الحقيقي في مناهجه ومادته تم خلال نصف القرن الماضي.
وكما يقول (Giliam) “أن علم النفس ذاته ظاهرة من ظواهر القرن العشرين”. من هنا تبرز أهمية فهم هذا المجال وتطوره خصوصا عند النظر إليه من زاوية تسعى للجمع بين مكتسباته المعاصرة والرؤى المستمدة من التراث الإسلامي.
علم النفس كظاهرة حديثة وتأثيره في المجتمع الغربي
لقد بزغ علم النفس الحديث كقوة مؤثرة بشكل كبير في القرن العشرين خصوصا في المجتمعات الغربية. ينظر إليه أحيانا كما أشار مالك بدري في كتاباته على أنه أكثر من مجرد تخصص أكاديمي؛ بل كإطار لفهم الذات والسلوك الإنساني في عالم يمر بتحولات سريعة.
بدأ الكثير من المفكرين في الغرب يعتبرون علم النفس بمثابة “الدين الجديد” لأوروبا وأمريكا وينظرون إلى علماء النفس والأطباء النفسيين كقائمين بدور جديد يوازي دور رجال الدين التقليديين في تقديم الإرشاد والمعنى. إن هذا التحول لم يأتِ من فراغ بل هو نتيجة لتضافر عوامل اجتماعية وثقافية وفكرية متعددة شكلت تربة خصبة لنمو هذا العلم وتأثيره المتزايد.
لماذا يحتاج الغرب إلى علم النفس كبديل ديني؟
إن كثيرا من المفكرين الحديثين في الغرب يعتبرون علم النفس الدين الجديد لأوربا وأمريكا وينظرون إلى علماء النفس والأطباء النفسيين على أنهم القائمون بدور القساوسة والكهنة.
وما يزيد من سيطرة علم النفس أن العالم الغربي فقد كثيرا من جذوره المسيحية التقليدية فمجتمعه بحاجة ماسة إلى ما يملأ هذا الفراغ ويعطي الفرد تفسيرا “مقبولا” للحياة يساعده في حل مشاكله المتزايدة التي تنشأ بعضها بسبب اجتثاث هذا العامل الروحي من تكوينه النفسي. بناء على ذلك أصبح الفرد يبحث عن إجابات وحلول لم تكن تقدمها المؤسسات التقليدية بالقدر الكافي أو بالصيغة التي تتناسب مع العصر.
أصول علم النفس الحديث ونشأته
تعود أصول علم النفس الحديث إلى محاولات فلسفية قديمة لفهم النفس البشرية ولكن كنظام علمي مستقل فإن نشأته حديثة نسبيا. لقد تأثر بشكل كبير بالتيار الوضعي الذي ساد في القرن التاسع عشر والذي أكد على أهمية الملاحظة التجريبية والقياس. وبالتالي سعى رواد هذا العلم الأوائل مثل فيلهلم فونت إلى تأسيس مختبرات لدراسة العمليات العقلية بطريقة منهجية.
ومع ذلك فإن تاريخ علم النفس الحديث بين العالمية والعربية يوضح أن مساره لم يكن واحدا؛ فبينما ركزت المدرسة السلوكية في أمريكا على السلوك الظاهر القابل للملاحظة ظهرت مدارس أخرى مثل التحليل النفسي في أوروبا التي ركزت على اللاوعي. وفي العالم العربي والإسلامي كانت هناك جهود مبكرة لفهم النفس من منظور متكامل يجمع بين الروحانيات والملاحظات العملية وهي جهود تحتاج إلى إعادة اكتشاف ودمج في السياق الحديث ضمن ما يعرف بـ ماجستير علم النفس.
لماذا أسلمة علم النفس؟
عندما بدأ علماء الدراسات الإنسانية الملتزمون بالإسلام إعادة النظر في الإطار الغربي العلماني لنظريات تخصصاتهم وممارساتهم.
ظهرت ثلاث تيارات مختلفة لمفهوم أسلمة علم النفس: أولها التيار المتطرف الذي يؤكد أنه ليس هناك شيء اسمه “علم نفس إسلامي” وليس هناك ما يدعو للتأصيل الإسلامي لعلم النفس أو غيره من العلوم الإنسانية, فعلم النفس هو علم تجريبي بمعنى (Science) وبهذا المفهوم تسقط الأسلمة.
ويقابل هذا التطرف تطرف آخر يرى أن علم النفس الحديث بكل فروعه هو وليد شرعي للحضارة الغربية اليهودية
والمسيحية, وأن العلم الإسلامي لو تمسك بدين وتراثه لن يكون بحاجة لهذا المسخ الأكاديمي العلماني
ويرى أصحاب هذا الرأي أن العلم الإسلامي بحاجة إلى “علم نفس إسلامي” مستمد فقط نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة وأفكار السلف الصالح
وربما كتابات بعض علماء التراث من فلاسفة الإسلام وكبار متصوفيه. يعتبر هذا التيار أن الاعتماد على أي مصادر غربية هو ابتعاد عن الأصالة الإسلامية المطلوبة.
أما الاتجاه الثالث فهو الاتجاه الوسط الصحيح الذي يعترف لعلم النفس “العلمي”
والتجريبي بأهميته وفوائده العظيمة, ولكن لا ينسى تأثير الخلفية الفلسفية الغربية حتى على هذا الجانب العلمي
ولا ينسى أثر ذلك في النظريات الحضارية التي تنبثق من هذا الصرح التجريبي
كما يؤكد هذا التيار أن علم النفس الحديث كله ليس تجارب مخبريه وميدانية
فكثير من نظرياته المعتمدة وتصوراته للإنسان الفاضل المتوافق مع بيئته هي من تأثير الحضارة الغربية التي ازدهرت فيها هذه الدراسات
وهذا أمر يقره الآن كثير من مفكري وعلماء علم النفس الغربي أنفسهم. ولا شك أن بعض هذه المفاهيم الغربية منافية للإسلام
مما يستدعي النظر في تخصصات مثل دكتوراه علم النفس من منظور متكامل.
ولنتحدث عن هذين التيارين المتطرفين بشيء من التفصيل ونناقش أفكارهما.
التيارات الفكرية حول أسلمة علم النفس
أولا: الرافضون لعلم النفس الغربي
فالغالبية العظمى من أصحاب هذا التيار ليسوا من المتخصصين في علم النفس, ويجب أن يحمد لهؤلاء حماستهم للدين.
ويرد على هؤلاء أن علم النفس الحديث قد أهمل الجانب الروحي في الإنسان, وهذه الحقيقة هي من أهم أسباب قصوره في كثير من الميادين, ولكن الإنسان ليس كله روحا, فمما لا شك فيه أن الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية تمثل دورا هاما في تشكيل سلوكه السوي والشاذ.
وعلم النفس الحديث قد قطع شوطا لا يستهان به في هذه الميادين, وبالرغم من كل ما يقال عن تأثر علم النفس الحديث بالحضارة الغربية إلا أنه استطاع خصوصا في الجوانب التي تعتمد على التجريب أن يأتي بأساليب وممارسات لا يمكن أن تستغني عنها أمة معاصرة تريد أن تلحق بركب التطور المادي للأمم الحديثة. على سبيل المثال برامج مثل دبلوم علم النفس قد تستفيد من هذه الأساليب مع الحفاظ على الهوية.
جذور التصورات الرافضة لعلم النفس الغربي
تستند جذور هذه التصورات الرافضة بشكل أساسي إلى كتابات علماء التراث الإسلامي من أمثال الغزالي والمحاسبي وابن تيمية وابن سيناء وغيرهم من علماء علم النفس الحديث في زمانهم وفلاسفتهم ومتصوفتهم.
حيث ينظر إلى هذه الكتابات على أنها تحتوي على كنوز معرفية قادرة على بناء “علم نفس إسلامي” أصيل دون الحاجة إلى استيراد النماذج الغربية التي قد لا تتوافق كليا مع القيم والمفاهيم الإسلامية المتعلقة بالنفس والسلوك البشري. زيادة على ذلك فإن بعض التجارب التاريخية مع الفكر الغربي الاستعماري قد عززت من هذا التوجه نحو البحث عن بديل ذاتي نابع من التراث.
ثانيا: الرافضون للأسلمة مع التزامهم بالإسلام
الرافضون للأسلمة بشكل عام هم في حقيقتهم طائفتان أولهما: طائفة الرافضين للأسلمة من المؤمنين الملتزمين بالإسلام وهم الكثرة الغالبة والطائفة الثانية هم القلة النادرة الرافضة للتأصيل الإسلامي لعلم النفس بسبب رفضهم للإسلام نفسه.
والغالبية العظمى من هؤلاء الرافضين لأسلمة علم النفس هم من المسلمين الطيبين, لكنهم قبلوا مواد هذا التخصص كما عرضت لهم ولم يكلفوا أنفسهم عبء البحث في جذوره “والعلمانية” فالأمر لا يخلو من صعوبة.
فعندما يتحمسون مؤكدين أن ليس هناك شيء أسمه “علم نفس إسلامي” وأنه ليس هناك ما يدعو لهذا “الأسلمة” أنهم إنما يدافعون عن المراكز والحصون التي ألفوها في دراساتهم وتكوينهم الأكاديمي الأولي. بالمثل فإن فكرة “أسلمة” مجال علمي قد تبدو للبعض وكأنها محاولة لإقحام الدين في ميدان يفترض أن يكون محايدا وموضوعيا.
التحديات التي تواجه أسلمة علم النفس
إن موضوع الأسلمة نفسه يكتنفه كثير من الصعوبات والتحديات فهو بحاجة أولا إلى:
- تعمق في مواد علم النفس الغربي ومناهجه وممارساته.
- إلمام عام بالإسلام نفسه وبأصوله ومصادره الأساسية.
- تفكير ابتكاري وقدرة على الربط بين مقاصد الدين وما هو مقبول في علم النفس الغربي بمناهجه وميادينه وممارساته دون تفريط أو إفراط.
بالإضافة إلى ذلك تتضمن التحديات نقص الكوادر المؤهلة التي تجمع بين التخصص العميق في علم النفس والفهم الدقيق للمقاصد الشرعية. كما أن هناك تحديا يتعلق بتطوير مناهج بحثية تجمع بين الأدوات العلمية الحديثة والمصادر المعرفية الإسلامية وهو أمر يتطلب جهدا فكريا وتنظيميا كبيرا يمكن تطويره من خلال برامج متخصصة مثل دكتوراه علم النفس الجنائي التي يمكن أن تدرس هذه الجوانب بعمق.
الرافضون للأسلمة من منطلق رفضهم للإسلام
كما ذكرنا من قبل إن بعض الرافضين للتأصيل الإسلامي لعلم النفس يفعلون ذلك لرفضهم للإسلام نفسه كدين وكأسلوب للحياة وهؤلاء بحمد الله من الندرة بمكان فمنهم من ينطلق من إيديولوجيات محددة كالماركسية ومنهم من اتخذ إلهه هواه.
نظرية علم النفس الحديث بين الفلسفة والتجريب
تتأرجح نظرية علم النفس الحديث بين جذورها الفلسفية العميقة وسعيها الدؤوب نحو التجريب والمنهج العلمي. فبينما قدم فلاسفة مثل ديكارت ولوك تصورات مبكرة عن العقل والوعي سعى علماء النفس التجريبيون إلى إخضاع هذه المفاهيم للاختبار المعملي. ينتج عن ذلك توتر مثمر أحيانا وتناقض مربك أحيانا أخرى. إن الفلسفة توفر الإطار النظري والأسئلة الكبرى بينما يسعى التجريب إلى تقديم إجابات مبنية على البيانات والملاحظة.
ومع ذلك يرى البعض كما أشار مالك بدري في سياق “أسلمة علم النفس” أن هذا التجريب ذاته ليس محايدا تماما بل يتأثر بالخلفية الثقافية والفلسفية للباحث. بالتالي فإن محاولة أسلمة علم النفس تسعى إلى إعادة النظر في هذه الأسس ليس لرفض التجريب ولكن لتوجيهه وتأطيره ضمن رؤية إسلامية للإنسان والكون. فهم هذه الجدلية ضروري لمن يدرسون تخصصات مثل بكالوريوس علم النفس التربوي حيث تتداخل النظريات مع التطبيقات العملية.
دور علماء علم النفس الحديث في تشكيل النظريات
لقد لعب علماء علم النفس الحديث دورا محوريا في صياغة النظريات التي شكلت فهمنا للسلوك الإنساني والعمليات العقلية.
بدءا من رواد التحليل النفسي مثل فرويد الذي قدم تفسيرات جذرية لدوافع السلوك البشري مرورا بالسلوكيين مثل سكينر الذين أكدوا على دور التعلم والبيئة وصولا إلى رواد علم النفس المعرفي والإنساني. كل من هؤلاء العلماء قدم إسهاماته بناء على ملاحظاته وتجاربه وأيضا متأثرا بخلفيته الثقافية والفكرية.
في سياق التأصيل الإسلامي لعلم النفس لا يتم تجاهل هذه الإسهامات بل يتم تقييمها ونقدها من منظور إسلامي مع السعي للاستفادة مما يتوافق مع هذا المنظور وتطوير بدائل أو إضافات حيثما اقتضى الأمر. إن إسهامات علماء التراث الإسلامي كالغزالي وابن القيم يمكن اعتبارها محاولات مبكرة لفهم النفس الإنسانية مما يثري النقاش المعاصر.
أسلمة علم النفس بين الأماني الطيبة والواقع العلمي
فالتأصيل كما ذكرنا من قبل أمر شائك يكشف كثير من المشاكل ويحتاج من المتخصص النفسي المسلم إلى إعادة النظر
في كثير من جوانب تخصصه بل إلى استعداده للتخلي عن بعض أهم مفاهيمه السابقة إلى جانب القيام بجهد مخلص
لدراسة الإسلام كمنهج للحياة مع تفكير خلاق يمكنه ربط تصوراته الجديدة لعلم النفس بما اكتسبه من علم إسلامي.
إن هذه الرحلة تتطلب صبرا وعمقا ولا تقتصر على مجرد إضافة نصوص دينية إلى النظريات القائمة.
وقد لاحظت منذ عدة سنوات أن هذا التبدل الصعب يتم على مراحل ثلاث يكاد يمر بها كل نفساني مسلم يعمل لتأصيل علم النفس
ومثال لتوضيح ذلك “جحر الضب” الذي ضرب به الرسول صلى الله عليه وسلم المثل لما يكون عليه التقليد الأعمى من مسلمي آخر الزمان
لممارسات اليهود والنصارى ولأفكارهم حيث قال صلى الله عليه وسلم في ما رواه مسلم في صحيحه
“لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم: قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟”
وهذه المراحل هي:
(أ) مرحلة الافتتان:
أولى هذه المراحل مرحلة الافتتان بعلم النفس كتخصص شائق يجد شاب فيه متعة كبيرة وينبهر بوسائله وأجهزته التجريبية والقياسية المبتكرة وينظر إليه أقرانه والعامة من الناس بإعجاب كمتخصص في أسرار النفوس ظنا منهم بأنه قد تعرف خباياها.
من هنا نجد في هذه المرحلة التمسك الشديد بعلم النفس كتخصص علمي تجريبي وتأكيد عدم الزج بالدين والفلسفة في ميدانه.
فالنفساني في هذه المرحلة يجد الاستقرار النفسي وطيب العيش في “جحر الضب” هذا وينزلق فيه بالتدريج حتى يصبح له قرار مكين ويهاب بعد ذلك الخروج من ظلماته إلى عالم مجهول محفوف بالمخاطر العقدية.
(ب) المرحلة التوفيقية:
لكن المختص النفسي النزيه خاصة بعد دخوله في الحياة العملية والدراسات العليا ّتظهر جوانب ضعف كثيرة في النظريات النفسية التي كان يقبلها بلا نقاش وبحماسة الشباب في مرحلة الدراسة الجامعية الأولي ثم لا يلبث أن يرى بعض التناقض بين الإسلام ودراساته النفسية المتعمقة. وهو ما يمكن أن يدرسه طلاب بكالوريوس علم النفس.
حينذاك ينتقل إلى المرحلة الثانية إلا وهي المرحلة التوفيقية التي لا يريد فيها المختص
الذي بنى مجده العلمي على أساس علم النفس الغربي الحديث أن يتخلى عن أي جانب منه
وفي الوقت ذاته يريد أن يتمسك بإسلامه شاملا كاملا ففي هذه المرحلة لا يجد مناصا من التفسيرات التوفيقية
بين الإسلام وعلم النفس لكي يتخلص من هذا التنافر الممرض المتعب فنجد كثيرا من المختصين في هذه المرحلة
يركزون على التشابه الظاهري بين نظريات علم النفس الحديث وألفاظه ومصطلحاته المترجمة باللغة العربية.
وعندما تقرأ لهؤلاء المختصين نجد القول في حماسة بأنه لا تعارض على الإطلاق بين الإسلام ومبادئ علم النفس
أو بأن نظرية “الخواجة فلان” موجودة في القرآن الكريم أو أن ما وصلت إليه أبحاث علماء مدرسة سيكولوجية أوروبية معينة
يؤيدها ما ورد في أحاديث نبوية شريفة يسمونها.
مرحلة الانعتاق
لذلك فالخروج النهائي من جحر ضب علم النفس الغربي أمر صعب. والمرحلة من الاتجاه التوفيقي إلى مرحلة الانعتاق والتحرر الأخير فيه مشقة لا تقارن بمرحلة التطور من الافتتان إلى التوفيق.
أما الانعتاق الكامل فهو أمر آخر هو تصور شامل جديد لذلك وجب علينا أن نسير ببطء في هذا المنعطف لنسجل بعض خبراتنا في مساعدة الموفق حتى ينعتق من قبضة التصورات الغربية لعلم النفس. يتطلب هذا الانعتاق شجاعة فكرية وقدرة على بناء نماذج معرفية أصيلة وهي مهارات أساسية في دراسات مثل دبلوم علم النفس العيادي.
الطريق إلى الانعتاق الكامل من التصورات الغربية
إن الانعتاق لا يتم إلا إذا تحقق الموفق من أنه رغم التشابه الظاهري بين كثير من تيارات علم النفس الغربي ومفاهيمه ونظرياته والإسلام كدين وأسلوب شامل للحياة فهما ظاهرتان لهما تصوراتهما المختلفة والمتباينة عن الحياة وطبيعة الإنسان ومآله.
ولا يتم الانعتاق تماما إلا بعد أن يستشعر المتخصص أنه مسلم مؤمن أولا ثم متخصص نفسي ثانيا وأن تخصصه الفريد في علم النفس يجب أن يكون في خدمة الإسلام بمفهومه الإنساني الواسع وبكل أبعاده السابقة لا أن يكون الإسلام في خدمة تخصصه. هذا الوعي العميق هو ما يميز الباحث المتمكن في ماجستير علم النفس السريري.
أنواع علم النفس ونظرة إسلامية مقارنة
يشتمل علم النفس الحديث على فروع متعددة منها علم النفس السريري التربوي الاجتماعي التنموي والمعرفي. كل فرع من هذه أنواع علم النفس يتناول جانبا محددا من السلوك الإنساني والخبرة البشرية. عند النظر إليها من منظور إسلامي فإن هذه الفروع يمكن أن تثرى وتوجّه بمفاهيم مستمدة من القرآن والسنة والتراث الإسلامي.
على سبيل المثال قد ينظر إلى علم النفس التنموي من خلال مراحل النمو التي ذكرها القرآن أو قد يفهم العلاج النفسي في علم النفس السريري من خلال مفاهيم التزكية والصبر والتوكل. إن النظرة الإسلامية المقارنة لا تهدف إلى إلغاء هذه الفروع بل إلى تأصيلها وإعادة توجيهها بما يخدم فهما أكثر شمولية للإنسان مع الأخذ في الاعتبار البعد الروحي الذي كثيرا ما يغفل في النماذج الغربية. ويمكن لبرامج مثل دكتوراه علم النفس التربوي أن تستكشف هذه المقارنات بعمق.
خاتمة: نحو تأسيس علم نفس حديث برؤية إسلامية
في الختام يتضح أن السعي نحو تأسيس علم نفس حديث برؤية إسلامية ليس مجرد ترف فكري
بل هو ضرورة ملحة تستجيب لتحديات الواقع وتطلعات الأمة. إن الجمع بين المناهج العلمية الحديثة وأصالة التراث الإسلامي
مع التركيز على الكلمة المفتاحية الرئيسية وهي “علم النفس الحديث”
يمكن أن ينتج عنه نموذجا معرفيا متوازنا يقدم فهما أعمق للنفس البشرية في سياقها الروحي والمادي.
إن هذه المسيرة تتطلب جهودا متواصلة في البحث والتنظير والتطبيق العملي
وتعاونا بين المتخصصين في علم النفس وعلماء الشريعة والمفكرين.
الأكاديمية العربية الدولية تدعوكم لاستكشاف هذا الأفق المعرفي الواعد من خلال برامجها المتميزة
مثل بكالوريوس علم النفس السريري ودبلوم علم النفس التربوي لتكونوا جزءا من هذا الحراك العلمي الهام.
انضموا إلينا للمساهمة في بناء مستقبل يكون فيه علم النفس أكثر استجابة لقضايا الإنسان المعاصر برؤية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
الأسئلة الشائعة
ما هو علم النفس الحديث؟
علم النفس الحديث هو الدراسة العلمية للسلوك والعمليات العقلية. يسعى إلى فهم كيف يفكر الأفراد ويشعرون ويتصرفون ويستخدم مناهج بحثية متنوعة
لاستكشاف موضوعات مثل الإدراك التعلم التنمية الشخصية والسلوك الاجتماعي. من منظور إسلامي يضاف إلى ذلك السعي لفهم هذه الجوانب
في إطار القيم والمفاهيم الإسلامية التي تتناول النفس البشرية وعلاقتها بالخالق والكون والحياة.
من هو مؤسس علم النفس الحديث؟
عادة ما يعتبر فيلهلم فونت (Wilhelm Wundt) هو مؤسس علم النفس الحديث كعلم تجريبي مستقل
حيث أنشأ أول مختبر رسمي لعلم النفس في لايبزيغ بألمانيا عام 1879.
ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن هناك جذورا فلسفية وفكرية لعلم النفس تعود إلى الحضارات القديمة
بما في ذلك مساهمات علماء مسلمين في فهم النفس والسلوك.
المراجع والمصادر
- بدري مالك. (1979). أزمة علماء النفس المسلمين (The Dilemma of Muslim Psychologists).
- العلواني طه جابر. (1989). أسلمة منهجية العلوم السلوكية (The Islamization Of Methodology Of Behavioral Sciences). المجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية 6(2) 227.
- علي أصاف. (1989). مدخل إلى أسلمة العلوم الاجتماعية والسلوكية (An Approach to the Islamization of Social and Behavioral Sciences). المجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية 6(1) 37.
- حق آمبر. (1998). علم النفس والدين: علاقتهما وتكاملهما من منظور إسلامي (Psychology and Religion: Their Relationship and Integration from an Islamic Perspective). المجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية 15(4) 97.
- شيهو ساليسو. (1998). نحو منظور إسلامي لعلم النفس التنموي (Toward an Islamic Perspective of Developmental Psychology). المجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية 15(4) 41.
- روثمان عبد الله وكويل أدريان. (2018). نحو إطار لعلم النفس والعلاج النفسي الإسلامي: نموذج إسلامي للروح (Toward a Framework for Islamic Psychology and Psychotherapy: An Islamic Model of the Soul). مجلة الدين والصحة 57(5) 1731–1744.
- لونج وهبي. (2014). تأملات نقدية في أسلمة علم النفس (Critical Reflections on the Islamicisation of Psychology). الوحي والعلم 4(1) 14-19.
- علي عليزي وعبد المجيد هرياتي شهريمة. (2015). سيكولوجية التعلم: نظرية إسلامية (Psychology of learning: An Islamic theory). المجلة الدولية للأفكار الإسلامية 4(1) 63-80.
- عبد الملك محمد دحلان. (2024). الإسلام وعلم النفس: أسلمة علم النفس الحديث (ISLAM AND PSYCHOLOGY: THE ISLAMIZATION OF MODERN PSYCHOLOGY). مجلة كتاب 1(1) 117-128.
- (2019). Islam and Psychology: Research Approaches and Theoretical and Practical Implications.
انضم إلى المستقبل مع برامج الأكاديمية العربية الدولية عن بعد!
هل تبحث عن تعليم جامعي مرن؟ الأكاديمية العربية الدولية تقدم لك الحل الأمثل من خلال برامجها الأكاديمية المتنوعة بنظام التعليم عن بعد.
اختر مسارك الأكاديمي من برامجنا المتميزة:
- 🎓 بكالوريوس عن بعد: أسس مستقبلك المهني بشهادة تدعم بها سيرتك و مكتسباتك.
- 📜 دبلوم عن بعد: اكتسب مهارات متخصصة بسرعة وكفاءة.
- 🏆 ماجستير عن بعد: طور خبراتك وارتق في مسارك المهني.
- 🏅 ثانوية عامة عن بعد: فرصة لا تقدر بثمن لاستكمال تعليمك.
لماذا تختار الأكاديمية العربية الدولية؟
المرونة الكاملة، نخبة من الأكاديميين، دعم طلابي فعال، بيئة تعليمية تفاعلية.
استثمر في مستقبلك اليوم، وانضم لآلاف الطلاب الناجحين!