نبيع أو لا نبيع: THAT IS THE QUESTION
نبيع أو لا نبيع: THAT IS THE QUESTION
مع نزول سعر صرف الدولار في الأسواق اللبنانية، يتكرر هذا السؤال: هل نستبدل الدولارات المدخرة أو لا نبيعها ونحتفظ بها, وإليكم عينة هذه النصائح والتساؤلات على وسائل التواصل الإجتماعي:
1-“لا تصرف دولاراتك إلا لحاجتك الضرورية فقط”.
2-“لا تصرف الدولار خوفاً من نزول سعر الصرف إلا عندما يوافق الصرّاف على بيع الدولار كما يشتريه مضيفاً هامش الربح التقليدي.”
3-“كيف يعني الدولار بربع ساعة بينزل ١٥٠٠ليرة وبربع ساعة بيطلع ١٥٠٠.. المضاربين وحيتان الصيارفة يستغلون اي حدث سياسي يلعب على العامل النفسي لدى الناس لخفض سعر الدولار حتى يقشوا من السوق اكبر عدد من الدولارات على ارخص سعر… سعر صرف الدولار له معادلة اقتصادية… يُحدد سعر صرف الدولار تبعاً للعرض والطلب وبحسب الكتلة النقدية من الدولارات المتوفرة في السوق… يتأثر بالطبع العرض والطلب بالعامل السياسي الذي يولد حالة نفسية إما زيادة أو إعراضا عن الطلب… المستفيد الاكبر من العامل النفسي هم حيتان المال والصيرفة والمضاربة والخاسر الأكبر هم ضعيفي القلوب الذين يسارعون إما بالبيع او الشراء ويقعون ضحية لعبة تدوم لأيام بحسب الظرف السياسي… الحل يكون بعدم جعل مدخراتك من الدولار الامريكي عرضة لرياح العوامل السياسية والنفسية وأن تحتفظ بها وتصرف منها على قدر حاجتك… أي إهمال اي تلاعب بسعر الصرف لو استمر لأسابيع صعودا او نزولا وعدم الاكتراث لأن سعر الصرف الدولار في لبنان لن يعرف سقفا من الان ولسنوات، إن تشكلت حكومة أم لم تتشكل، إن ارسلوا مساعدات أم لم يرسلوا، إن استقر الوضع أم لم يستقر… استقرار سعر صرف الدولار في لبنان سيحتاج إلى سنوات… حيث أنه لا استقرار في سعر الصرف في بلد مفلس دولةً وشعباُ ومؤسسات، ومصارف أقرضت الدولة ودائع الناس عن طريق مصرف لبنان والدولة الأن عاجزة عن سداد هذا الدين بل اعلنت صراحة تعسرها عن الدفع في آذار ٢٠٢٠. لذلك وبناء على ما تقدم فإن الاقتصاد اللبناني في قمة انهياره وافلاسه وسعر صرف الدولار سيبلغ ارقاماً خيالية فلا تجعلوا مدخراتكم عرضة لمسلخ الانخفاض والارتفاع السريع والمفاجئ.”
مقتطفات من وسائل التواصل الإجتماعي
هذه النصائح مقتطفة من وسائل التواصل الإجتماعي حيث انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة وبكثرة وبأساليب مختلفة.
سألنا الدكنور مروان القطب الخبير المالي والإقتصادي والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية عن سبب عدم ثقة الناس بالعملة الوطنية فأجاب:
” نتيجة الأزمة الإقتصادية السابقة التي عصفت بلبنان عام 1983 واستمرت تداعياتها حتى الأزمة الجديدة, أفقدت العملة الوطنية ألف ضعف من قيمتها, والآن عام 2021 فإن المسار التصاعدي للدولار الاميركي لم يأخذ حجمه بعد، بانتظار رفع الدعم عن المواد الاساسية الذي لا مفر منه، وعندها يبرز السعر الحقيقي للدولار، الذي سيبلغ مستويات قياسية، لا يمكن توقعها. الهدف ليس التهويل، بل ادراك حجم المشكلة التي نحن فيها.”
إقرأ أيضاً ولادة قيصرية للحكومة اللبنانية
ما هي العوامل المؤثرة في ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملة اللبنانية:
“العوامل المرحلية المؤثرة في ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي:
١- رفع الدعم عن بعض السلع الغذائية التي كانت ضمن السلة الغذائية( البن مثالا).
٢- تأخير مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات بالنسبة للسلع التي مازالت مدعومة.
٣- التحضير لتطبيق التعميم رقم ١٥٨ الذي يقضي باعطاء القطاع المصرفي ٤٠٠ فريش دولار الى المودعين.
٤- العامل النفسي الذي يزيد الطلب على الدولار بفعل تأزم الاوضاع السياسية وغياب الحلول، والاحجام عن عرض الدولار المخزن او المحول.
٥- المضاربة على سعر صرف العملة لتحقيق اهداف سياسية.”
سألنا خبيرا آخر كان حاضراً ما سبب الهبوط المفاجئ الآن لسعر الصرف؟
“الهبوط على المدى القصير سببه الخوف, نتيجة التفاؤل الكبير والضخ الاعلامي, تخيل معي إن خوف الناس من التفاؤل السياسي يدفعهم الى عرض دولاراتهم للبيع خوفا من خسارة نتيجة تشكيل الحكومة, ولكن فإن اي سعر سيصل اليه الدولار نزولاً سيكون مؤقت لا قيمة اقتصادية له, المشوار طويل يبدأ بالتفاوض مع صندق النقد للوصول الى اتفاق, والصندوق يطلب من الحكومة اصلاحات واجراءات سيكون من الصعب على الحكومة اللبنانية مجتمعة تنفيذها بسبب تضاربها مع مصالح فئات حزبية وسياسية.
سيتم الضغط على سعر الصرف قدر المستطاع بالمدى القصير لتخفيضه بطرق مؤقتة, لتسهيل عملية رفع الدعم وامتصاص الغضب الشعبي, بحيث يمر رفع الدعم والإرتفاع الجنوني للأسعاربأقل نقمة شعبية وعلى سعر صرف منخفض للدولار.
السعر المنخفض الوهمي لا يستطيع الصمود الا بترجمة افعال والتي هي أبعد ما يكون عن أرض الواقع وإذا كان الآن المصرف المركزي أو حيتان المال والصيرفة قادرين على خفض الدولار فلن يستطيعون المحافظة على استقراره على المدى الطويل, للأسف
وضع صعب ومنطق شاذ, لكنه للاسف الواقع الذي نعيشه”.
عدنا للدكتور القطب وسألناه, ما هو مستقبل العملة الوطنية في لبنان؟
فأجاب:
الخشية الكبرى تكمن في خروج الليرة من التداول،
ويشكل ذلك انهيارا شاملا قد يؤدي الى فقدان القدرة على تأمين متطلبات العيش الاساسية،
بدأت علامات هذه الكارثة تبرز في الاسواق، فعدد من تجار التجزئة ، لا يقبلون من الزبائن الا الدفع بالدولار،
فكيف اذا عم هذا السلوك جميع الفاعلين في الاقتصاد، ما يعني ان من يمتلك الدولار يعيش، ومن لا يمتلكه فان الجوع والعوز مصيره،
صورة قاتمة، عسى من يمتلكون زمام القرار يسارعون الى انقاذ البلاد والعباد قبل فوات الاوان..”
ما هو تصوركم للمسار الإقتصادي والإجتماعي القادم في لبنان؟
“مسار انهيار شامل للاسف :
– رفع الدعم فعلا بقرار حكومي، او واقعا باجراءات مصرف لبنان.
– كتلة كبيرة من الدولارات التي كان مصرف لبنان يوفرها، ستتحول الى السوق الموازية.
– ارتفاع متصاعد لسعر صرف الدولار الاميركي.
– ارتفاع كبير في اسعار المحروقات الدواء، المواد الغذائية، وتكاليف الحياة.
– انهيار مختلف القطاعات الصحية والتربوية والادارية، والخشية الكبرى من انهيار القوى الامنية.
– الوصول الى مرحلة الفوضى والارتطام الشامل.”
وعلى ماذا تعتمد في تصورك هذا؟
” ان المسار التصاعدي للدولار الاميركي لم يأخذ حجمه بعد، بانتظار رفع الدعم عن المواد الاساسية الذي لا مفر منه،
وعندها يبرز السعر الحقيقي للدولار، الذي سيبلغ مستويات قياسية، لا يمكن توقعها.
الهدف ليس التهويل، بل ادراك حجم المشكلة التي نحن فيها.”
ما هو السبب الحقيقي للتخبط التي تعاني منه لبنان دولة وشعبا واقتصادا؟
هذا التخبط في القرار الاقتصادي، ينبع من انهيار النظام السياسي والمؤسسات المكونة له، وغياب الرشد في ادارة الشؤون العامة، والانشغال بالنكايات والغلبة التافهة على حساب الناس وحاجاتهم.
لم تعد تصلح هذه المنظومة البائسة….
لماذا؟
“منذ الاستقلال لم نؤسس لدولة،
بل منظومة تقوم على تحالف الطبقة السياسية مع كارتيلات المال والاعمال،
ولم يكن لمصلحة هذه المنظومة تأسيس دولة قوية،
لتبقى بقرة حلوب للطبقة السياسية، ومصدر احتكارات للطبقة الرأسمالية،
عدل النظام السياسي في الطائف، ولم تعدل منظومة الفساد الراسخة، بل تبدلت الوجوه،
لا يمكن الاستمرار في ذات المنظومة، والدوران في حلقة الفساد والاحتكار وتبادل المنافع…”
هل ممكن ان تُطلعنا على مصير وادئع الناس في المصارف ومن المسؤول عن ضياعها؟
“ثلاث جهات يقتضي ان تتحمل المسؤولية عن ازمة القطاع المصرفي والضرر الذي لحق بالودائع:
السلطة العامة: التي اهدرت المال، وتوقفت عن رد ديونها.
القطاع المصرفي: الذي لم يؤتمن على الودائع، واستثمرها خلافا للاصول المصرفية الرشيدة.
مصرف لبنان: لتقصيره في الرقابة على المصارف، ولرعايته لنظام الاستدانة عالي المخاطر.
تتحمل المصارف الجزء الاكبر من المسؤولية عن ازمة الودائع،
فهي المؤتمنة قانونا عليها، والملزمة بردها عند الطلب،
ان استعمال الودائع في اقراض الدولة مع علمها باوضاعها المالية المتردية وفسادها، يثبت هذه المسؤولية،
ان محاولات ابراء ذمة المصارف من المسؤولية، بتشريعات او بتعاميم، يؤكد على اشتراك المصارف في منظومة الفساد،
ان حقوق الناس من الودائع لن تسقط بمرور الزمن، ولا بحلول احتيالية، وتبقى موجودات المصارف حقا للمودعين.”
في النهاية, هل تستطيع أن توجز لنا بكلمات ما هي طبيعة الأمة اللبنانية؟
“ازمة لبنان هي ازمة معقدة ومركبة،
هي ازمة طائفية، سياسية، سيادية، اقتصادية.
ازمة طائفية: تقوم على صراع بين المكونات الطائفية المختلفة، التي تدعي التعايش، وتسعى كل منها الى الغلبة.
ازمة سياسية: لان لا نظام سياسي يمكن ان يستوعب هذا الكم من التناقضات، وتأمين الدور السياسي.
ازمة سيادية: كل طرف داخلي مرتبط بجهة خارجية وينفذ اجندتها على حساب المصلحة العامة.
ازمة اقتصادية: بلد غير منتج وخدماته مرتبطة باستقرار لن ولم يتحقق ابدا، فيعيش على القروض ومؤتمرات الدعم.
في الماضي شهد لبنان شبه دولة، بدأت مظاهرها تتلاشى، لنعيش نظاما غريب الاطوار في قابل الايام.”
المصارد
Share this content:
إرسال التعليق