مذكرات طفل-5-: في الأمن والتوقعات وعلم النفس والإجتماع

من مذكرات طفل: التمهيد للإجتياح الإسرائيلي 1982

 

في هذه الفترة تكثفت الغارات الجوية الإسرائيلية على منطقة صيدا والجنوب والمخيمات الفلسطينية, وفي يومٍ من أيام الاحد خلال بداية ربيع عام 1982 كان الطقس ربيعياً جميلاً, كنا وأهلي في المنزل عندما بدأت غارة جوية عنيفة على منطقة صيدا, بدأت الطائرات تهدر في الأجواء بشكل فظيع  وبدأت المضادات والدفاعات الأرضية الفلسطينية بمهاجمة الطائرات المعادية وساد جوٌ من الذعر والخوف والترقب وخلت الشوارع من المارة والسيارات.

 

الاجتياح الاسرائيلي للبنان 1982 - على الطريق :: طلال سلمان

بدأ الناس يطلون رؤوسهم من أبواب الشرفات ولم يعد أحد يتجرأ على الخروج إلى الشرفة إلا عندما تهدأ الغارات قليلاً, فيخرج بعضهم لتبادل الأحاديث وتحديد مكان استهداف الغارات وعندما تعود الطائرات للقصف يعودون أدراجهم الى خلف أبواب الشرفات خوفاً من شظايا متطايرة أو رصاصات طائشة. في الشارع لا ترى إلا آليات للمسلحين تحمل المضادات الأرضية الثقيلة والتي تمر مسرعة باحثة عن مكان آمن ومناسب لبدء اطلاق الرصاص نحو الطائرات المغيرة.

 

من الوافذ والشرفات متابعة الأحداث.

أذكر خلال هذا اليوم آلية كانت تحمل مضاداً من النوع الثقيل توقفت عندنا في الحي وبدأ العسكري الفلسطيني الذي كن يرتدى لباساً مدنياً, بتعبئة مخزن الذخيرة للمضاد وتوقعنا جميعاً أن يبدأ بإطلاق النار فور انتهائه ولكن سرعان ما انطلقت السيارة فور الإنتهاء من إعادة التعبئة, فقال يومها أحد الفتية المغامرين الموجودين في الشارع,:”لو أطلق الرصاص من هنا لما بقي ولا لوح زجاج سليماً ولتحطمت كلها من قوة ضغط صوت ذلك المضاد”..

 

مسلحون حوثيون يديرون مدفع مضاد للطائرات في العاصمة اليمنية صنعاء

 

إقرأ أيضا العمل الفدائي في لبنان

 

 توقعات الأطفال :

إجتياح «1982» على «نتفليكس»
الواقع ينعكس على نفسية الأطفال والصبية.

أذكر جيداً تلك الأيام حيث كنت في الصف الرابع الإبتدائي في مدرسة الإخوة المريميين (الفرير) في صيدا المسيحية الديانة والهدف والتعليم, وكنا كطلاب مسلمين في المدرسة نُشَكِّل عدداً كبيراً لا يستهان به بلغ حدود الخمسين في المئة, حيث أن تلك المدرسة كانت هدف معظم العائلات الصيداوية المسلمة, ذات الثقافة الفرنسية, لتعليِم اولادهم فيها نظراً لأن خريجيها كانوا يتبوؤن أعلى المناصب والمراكز ويدخلون بسهولة إلى الجامعات الأجنبية, فإكتظت مدرسة الفرير بأولاد المسلمين, وبدأت الجمعيات والمدارس الإسلامية الكبرى تتراجع وتتعثر في فترة السبعينات والثمانينات.

 

توقعات طفل.

المهم وبالعودة إلى الأجواء التي سبقت الإجتياح الإسرائيلي,  أذكر أن زميلا لي على مقاعد الدراسة كان أصغر إخوته الذين يكبرونه بسنوات عديدة, كان كثير التشاؤم رغم سنواته التسع, كان يردد طوال السنة الدراسية التي وقع فيها الإجتياح الإسرائيلي : “الله يستر, اسرائيل ستدخل إلى لبنان, اسرائيل قريباً ستأتي إلى هنا”.

الحياة الإجتماعية وتأثيرها على ثقافة الإنسان

كان هذا الزميل يعيش في بيت هو أصغر أفراده وأنا كنت أعيش في بيتٍ أنا أكبر أبناءه, فالأحاديث التي كانت تدور في منزله كانت على مستوى الاحداث لأن إخوته الكبار, كانت إهتمامهم أكبر ومعرفتهم أوسع ويتكلمون بالسياسة ويُحَلِّلون ويستنتجون, الأمر الذي أدى بزميلي إلى أن يصبح أكثر اطلاعاً مني, وأن ينعكس الوضع القائم آنذاك على نفسيته, فأرهقني طوال ذلك العام بتشاؤمه وتخوفه من اجتياح اسرئيلي محتوم, أما الاحاديث التي كانت تدور في منزلنا فأنا رائدها, فماذا تتوقع من ابن تسع سنوات أن يفرز عقله ويحلل ويتحدث!

 

أهمية لعب الأهل مع الأطفال | اصنع ذكريات طفلك! | ترياقي
أخ كبير لإخوة صغار.

 

صدق زميلي 

وفعلاً وقع الإجتياح في نفس تلك السنة, فتذكرت فوراً كلام زميلي في الصف وقلت بيني وبين نفسي:” لقد صدق زميلي وحصل ما كان يتوقعه”, وسألت نفسي:” كيف له أن يعرف بأن هذا الحدث الكبير سيحدث قريباً؟” , لم أجد إجابةً على هذا السؤال إلا عندما نضجت قليلاً وبدأت أعي بعض الأمور التي كانت تخفى علي.

 

المصادر

  1. موضوع
  2. نور سات
  3. درا الوثائق الرسمية
  4. الشرق الأوسط
  5. معرفة
  6. ويكيبيدييا
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

فلسطين امانة


This will close in 5 seconds

Open chat
1
Scan the code
مرحبا 👋
كيف يمكنني أن أساعدك؟