الوحدة أولا أم التحرير.. كيف استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس؟

الوحدة أولا أم التحرير.. كيف استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس؟

الوحدة أولا أم التحرير.. كيف استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس؟

تعيش غزة في الوقت الحالي في ظل أحداث مروعة تُشبه إلى حد كبير أوجاع الإبادة الجماعية، مستحضرةً في ذاكرتنا مأساة المذابح التي ارتُكبت في الماضي على يد المغول والتتار وخلال محن الحروب العالمية. وفي حين كانت غزة تاريخيًا بوابة إلى فلسطين من الشرق، حيث انطلق منها قادة عظماء مثل صلاح الدين ونابليون والجنرال اللنبي لاستعادة بيت المقدس وفلسطين بأكملها، تُطرح علينا الأحداث الحالية الكثير من التساؤلات التي يمكن العثور على إجابات لها في مصادر التاريخ والتجارب التي تظل درسًا قيمًا للجميع.

من بين هذه الأسئلة، وربما هي الأكثر إلحاحاً، يأتي سؤال: كيف نجح السلطان الشهير صلاح الدين الأيوبي في استعادة بيت المقدس من الاحتلال الذي دام 91 عامًا بأكملها؟ هل كان النجاح ناتجًا عن الخبرات والمهارات العسكرية الفائقة التي كان يتمتع بها صلاح الدين وحده؟ أم أن الرجل كان يدرك أهمية الدول المجاورة لفلسطين والقدس وجعلها أولوية حتى على وجود الصليبيين أنفسهم؟

بالحقيقة، لم يكن “صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي الكردي” مجرد قائد عسكري عظيم من بين القادة الكبار، بل كان جزءًا من تراث الإسلام الذي عرفه التاريخ منذ عصر النبوة. قد سخر الرجل إمكانياته منذ انضمامه إلى خدمة السلطان “عماد الدين زنكي” إلى جانب والده شاذي وعمه شيركوه، وابنه “نور الدين محمود”، وكان هدفه الرئيسي استعادة المقدسات التي خطفت من المسلمين في القدس وبلاد الشام.

%D8%B3%D8%AB%D9%84-1700815508 الوحدة أولا أم التحرير.. كيف استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس؟

الوحدة والتحرير

في الثماني سنوات التي سبقت سقوط الدولة الفاطمية بيد صلاح الدين، كانت مهمته الرئيسية توحيد الدولة والتصدي للقوى المعارضة، وصد الحملات العسكرية التي شنها ملك بيت المقدس الصليبي. أدرك صلاح الدين أهمية السيطرة على مصر كوسيلة لتعزيز القوة في مواجهة المحتلين الصليبيين.

لم يكن صلاح الدين وحده الذي فهم هذا الهدف، حيث تعيينه ملكا لمصر من قبل “نور الدين محمود” بعد وفاة عمه شيركوه، ومنحه لقب “الملك الناصر” يشير إلى هذه الرؤية. وفي شهادة التعيين وجدنا: “والجهادُ أنت رضيعُ درّه، وناشئة حجره.. فشمِّر له عن ساق من القنا، وخُض فيه بحرا من الظُّبى… حتى يأتي الله بالفتح الذي يرجو أمير المؤمنين أن يكون مذخورا لأيامك، وشهودا لك يوم مقامك”.

بعد وفاة الخليفة الفاطمي الأخير العاضد في عام 567هـ، انتهت الدولة الفاطمية وظهرت الدولة الأيوبية. امتدت الدولة الأيوبية بسرعة إلى بلاد الشام وشمال العراق وجنوب شرق الأناضول بعد وفاة السلطان “نور الدين محمود” في عام 569هـ.

بعد وفاة السلطان نور الدين محمود، كانت همّة صلاح الدين موجَّهة نحو إعادة توحيد مصر مع بلاد الشام. كبار أمرائه بدؤوا في استغلال صغر سن الملك الصالح “إسماعيل بن نور الدين محمود” للتدخل في شؤون الدولة وتقسيمها بينهم، حتى بدأ البعض في تكوين تحالفات مع مملكة بيت المقدس الصليبية ودفع جزية سنوية لهم.

وبسبب هذه الأحداث، بدأ صلاح الدين في إلقاء اللائمة على هؤلاء الأمراء. في رد فعلهم واعتراضهم على صلاح الدين وتلميحاته بالتدخل، ناشدوه بالابتعاد والبقاء في مصر، وأن يظل مخلصًا للبيت الذي نشأ فيه والذي جعلهم سلاطين. وكانت إجابته قاطعة، حيث قال: “لو استمرت ولاية هؤلاء القوم تفرَّقت الكلمة، وطمعت الكفار في البلاد.. إنا لا نُؤثِر للإسلام وأهله إلا ما جمع شملهم، وألَّفَ كلمتهم… فالوفاء إنما يكون بعد الوفاة”.

صلاح الدين يحرر القدس وديار الإسلام

استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس في عام 1187 خلال معركة حطين. كانت هذه المعركة جزءًا من سلسلة من الأحداث التي أدت إلى استعادة القدس من قبل المسلمين بقيادة صلاح الدين بعد الفترة الطويلة التي كانت فيها القدس تحت سيطرة المسيحيين الصليبيين.

إليك بعض الأحداث الرئيسية التي ساهمت في استعادة بيت المقدس:

1. معركة حطين (1187): كانت هذه المعركة هي اللحظة الحاسمة التي أدت إلى استعادة بيت المقدس. في 4 يوليو 1187، وقعت معركة حطين بين جيش صلاح الدين والجيش الصليبي الذي كان يقوده رينولد دي شاتيون. فاز صلاح الدين في المعركة، وهو الأمر الذي أعطاه الفرصة للتقدم نحو بيت المقدس.

2. استراتيجية دبلوماسية: قبل المعركة، نجح صلاح الدين في استخدام الدبلوماسية بفعالية لتحالف مختلف القوى المسلمة ضد الصليبيين. كما نجح في إقامة تحالف مع العديد من الحكام المحليين في المنطقة.

3. تفاهم مع ريتشارد قلب الأسد: بعد معركة حطين، دخل صلاح الدين في مفاوضات مع ريتشارد قلب الأسد، ملك إنجلترا، الذي كان حاكمًا للأراضي الصليبية. وقعوا اتفاقية سلام في 2 سبتمبر 1192، والتي أدت إلى فترة هدنة وتسليم بعض المناطق إلى المسلمين، بما في ذلك القدس.

بهذه الطرق، استعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس وأعادها إلى السيطرة الإسلامية بعد قرون من الحكم الصليبي.

Share this content:

إرسال التعليق