المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال
د.سمر قبلان

مفهوم وأهمية المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال
بعد أن تزايد اهتمام المنظمات في السنوات الأخيرة بمسؤوليتها الاجتماعية من خلال ممارساتها في البيئة الخارجية وكذا الداخلية(العامل)، إذ لم تعد منظمات اليوم قادرة على الاكتفاء بأن تكون مجرد فاعل اقتصادي موَلِّد للثروة فقط بل تجاوزت ذلك لتصبح فاعلا اجتماعيا ملتزِما من خلال التزامها بمسؤوليتها الاجتماعية، هذه الأخيرة ترتكز على ثلاث جوانب أساسية : جانب بيئي، اقتصادي وآخر اجتماعي، إذ تعبر هذه الممارسة عن توجه أكاديمي حديث يركز على العلاقة بين المنظمة وبيئتها الداخلية والخارجية وتَصَوُّر لارتباط حقيقي بين أدائها الاجتماعي وأدائها الاقتصادي كمبدأ تلتزم به جميع منظمات الألفية الثالثة، إذ تكون مسؤولة عن جميع العواقب الاجتماعية المترتبة عن أنشطتها وخياراتها الإستراتيجية والتي يمكن أن يكون لها الأثر على أصحاب المصلحة مثل العواقب المترتبة للعمل الليلي على جودة الحياة في العمل للأفراد، حيث تعتبّر المنظمة بذلك كالفرد تماماً مسؤولة عن عواقب أفعالها على بيئتها الاجتماعية.
تعريف المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال (CSR- (Corporate Social Responsibility:
عُرفت المسؤولية الاجتماعية للشركات باعتبارها الالتزام الاجتماعي للتأثير على المجتمع بما يتجاوز مجرد تعظيم الربح وعُرفت المسؤولية الاجتماعية من منظور تسويقي بأنها التوقف عن تقديم المفاهيم المتعلقة بالتضليل والخداع كما تُعرف أنها مجموعة الواجبات والتصرفات التي تقوم بها المنظمة من خلال قراراتها بزيادة رفاهية المجتمع والعناية بمصالحه إضافة لمصالحها الخاصة .
من جهة أخرى، اعتبر البعض أن المفهوم يندرج تحت ثلاثة مفاهيم أساسية للمسؤولية الاجتماعية وهي:
- المسؤولية اتجاه تحقيق الأرباح: وتشير إلى أن مسؤولية المنظمة كانت متمثلة فقط في تحقيق الأرباح للمالكين ولحملة الأسهم.
- المسؤولية اتجاه أصحاب المصالح: نتيجة الانتقادات الموجهة لأهداف الربحية كمسؤولية وحيدة تركز عليها المنظمة، ظهر ما يسمى بالمسؤولية اتجاه أصحاب المصالح، والتي تركز على ضرورة الاهتمام بتلبية أهداف أصحاب المصالح من مستهلكين، عاملين، مجهزين، موزعين،….وغيرهم.
- المسؤولية اتجاه المجتمع: وقد انتشر هذا المفهوم في الأعوام الأخيرة، ويشير إلى ضرورة التزام المنظمة بالمسؤولية اتجاه البيئة والمجتمع بشكل عام. وذلك من خلال الاهتمام بما تطرحه الجماعات ذات العلاقة مثل جماعة السلام الأخضر، والتي تنادي بتعزيز السلوكيات الإيجابية تجاه البيئة مثل التسويق الأخضر.
وعليه مما تقدم، يمكن تعريف المسؤولية الاجتماعية للمنظمة على أنها التزام أخلاقي بين المنظمة والمجتمع، تسعى من خلاله المنظمة إلى تقوية العلاقة بينها وبين المجتمع، بما يؤدي في النهاية إلى فرض مكانتها في المجتمع بشكل عام، ومن ثم تحقيق النجاح والتفوق ورفع الأداء المستقبلي.
أبعاد المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال:
جاءت محاولة (carroll) بنقلة نوعية في توسيع مفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيث ميزت بين أربعة أبعاد رئيسية لهذا المفهوم.
- البعد الاقتصادي: حيث تمارس منظمة الأعمال أنشطة اقتصادية لتحقيق الكفاءة والفعالية، وتستخدم الموارد بشكل رشيد لتنتج سلع وخدمات بنوعية راقية، وتوزع العوائد بشكل عادل على عوامل الإنتاج المختلفة. بتحقيق ذلك تكون قد تحملت مسؤولية اقتصادية.
- البعد القانوني: حيث يندرج في هذا الإطار الالتزام الواعي والطوعي بالقوانين والتشريعات الحاكمة لمختلف الجوانب في المجتمع، سواء كان هذا في الاستثمار أو الأجور أو العمل أو البيئة أو المنافسة أو غيرها.
- البعد الأخلاقي: التي تراعي من خلاله منظمة الأعمال الجانب الأخلاقي في كل قراراتها ومسارها في الصناعة التي تعمل فيها، تجنبا لأي ضرر قد يلحق المجتمع.
- البعد الخيري: الذي يشمل على التبرعات والهبات والمساعدات الاجتماعية الخيرية التي تخدم المجتمع ولا تهدف إلى الربح، كما قد تتبنى المنظمة قضية أساسية من قضايا المجتمع وتعمل على دعمها ومتابعتها.
مؤشرات قياس أداء المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الاعمال:
هناك أربعة مؤشرات أساسية يتم من خلالها تقييم المسؤولية الاجتماعية :
- مؤشر الأداء الاجتماعي للعاملين بالمنظمة: ويشمل جميع تكاليف الأداء بخلاف الأجر الأساسي الذي تقدمه المؤسسة للعاملين فيها بغض النظر عن مواقعهم التنظيمية أو نوع أو طبيعة أعمالهم، وتقوم المؤسسة بالالتزام بتوفير كافة العوامل اللازمة لخلق وتعميق حالة الولاء وانتماء العاملين، كالاهتمام بحالتهم الصحية وتدريبهم وتحسين وضعهم الثقافي والاهتمام بمستقبلهم عند انتهاء فترة خدماتهم.
- مؤشر الأداء الاجتماعي لحماية البيئة: يشمل كافة تكاليف الأداء الاجتماعي المضحى بها لحماية أفراد المجتمع المحيط الذي تعمل المؤسسة داخل نطاقه الجغرافي، حيث تحاول جاهدة رد الأضرار على البيئة المحيطة والمتولدة عن أنشطتها الصناعية، وهذه تشتمل على تكاليف حماية تلوث الهواء والبيئة البحرية والمزروعات والأعشاب الطبيعية وتلوث المياه.
- مؤشر الأداء الاجتماعي للمجتمع: يتضمن كافة تكاليف الأداء، التي تهدف إلى إسهامات المؤسسة في خدمة المجتمع مشتملة بذلك على التبرعات والمساهمات للمؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية والخيرية، ثم تكاليف الإسهامات في برامج التعليم والتدريب الاجتماعي ومشاريع التوعية الاجتماعية.
- مؤشر الأداء الاجتماعي لتطوير الإنتاج: تشمل كافة تكاليف الأداء التي تنصب في خدمة المستهلكين، حيث تتضمن تكاليف الرقابة على جودة الإنتاج وتكاليف البحث والتطوير، ثم تكاليف ضمانات المتابعة ما بعد البيع وتدريب وتطوير العاملين وغيرها من الخدمات التي تحقق حالة الرضا عن المنافع المتأتية من المنتجات والخدمات المقدمة إلى المستهلكين.
ونضيف إلى المؤشرات السابقة مؤشر الأداء الاجتماعي لتطبيق القانون، يشمل كافة تكاليف الأداء التي تنصب في خدمة الدولة من ناحية تطبيق القوانين النافذة وتسديد الرسوم والضرائب المترتبة للدولة والتي ترفد خزينة الدولة وتساعدها في تمويل خدماتها المقدمة للمواطنين والمجتمع والبيئة.
