الإمبراطورية العثمانية:من سيف أرطغرل حتى نفط عبد الحميد
الإمبراطورية العثمانية: من سيف أرطغرل حتى نفط عبد الحميد
لنبدأ من مطلع الألفية الثانية أي من عام 1099 تاريخ بدء الحملات الصليبية المتزامن مع ضعف الدولة العباسية وبدء انهيارها وتقاسم العالم العربي والإسلامي من قبل الأيوبيين والسلاجقة والمماليك والحمدانيين وظهور القرامطة في البحرين وانطلاقة الدولة الفاطمية من اليمن إلى أقصى المغرب العربي في القيروان تونس.
الفرق الباطنية
القرامطة والفاطميون كانوا من الفرق الباطنية المنبثقة من الفرقة الشيعية الإسماعيلية التي كانت ترفض الخلافة العباسية القائمة على مذهب اهل السنة والجماعة, الفاطميون انطلقوا من اليمن وذهبوا إلى أقصى المغرب العربي ليؤسسوا دولتهم بعيدا عن مركز الخلافة العباسية في بغداد مركز صناعة القرار.
في اليمن لم يستطيعوا أن يحققوا أي مكسب يتمكننون من خلاله إنهاء الخلافة العباسية لأنهم معروفون لدى الجميع بأنهم فرقة باطنية غريبة عن جسم الامة العربية والإسلامية المنسجم والمتماهي مع المذهب الرئيسي والأكثري مذهب أهل السنة والجماعة المتمثل بالإسلامي الحقيقي والتاريخي المنسجم تمام الإنسجام مع القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
لذلك قرروا الذهاب إلى أقصى المغرب العربي ليعرضوا أفكارهم مستغلين حب أهل البيت المنغرس في قلوب المسلمين من مختلف المذاهب والأفكار والمعتقدات مراهنين على ضعف الخلافة العباسية ووهنها وانهيارها الدراماتيكي, فكان لهم أن أسسوا دولتهم (909م-1171م) انطلاقا من القيروان وتمددوا حتى وصلوا إلى مصر وكانت الخلافة الفاطمية المزعومة القائمة على التقية والباطنية والمال والإغراءات والمصالح.
قطاع الطرق سرقوا الحجر الأسود
كذلك الأمر في الجزيرة العربية كان القرامطة, وهم قطاع طرق وتشكيلات عصابية, أسسوا دولة منشقة (899م-1077م) كان لها دورا عدائيا تجسد في الإغارة الدائمة على الآمنين وقطع الطرق على القوافل التجارية وقوافل الحجاج بل وامعنوا في الإعتداء على الحرم الشريف في مكة المكرمة وسرقوا الحجر الأسود واحتفظوا به في البحرين لسنوات عديدة ضاربين الخلافة العباسية في مقتل حيث أنها لم تستطع الحفاظ على الحجر الأسود وامن الحرم الشريف وسلامة والحجاج والقوافل التجارية.
الناصر صلاح الدين
كان للأيوبيين (1171م-1250م) دورا مهما في جمع وتوحيد العالم العربي والإسلامي ودحر الصليبيين والقضاء على الدولة الفاطمية والقرامطة بداية مع نور الدين زنكي وصولا إلى صلاح الدين الأيوبي, إلا أن وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي عاد العالم العربي والإسلامي إلى تشرذمه بين فرق وحكام متنازعين في بينهم.
قبيلة قايي
في تلك الأثناء كانت قبيلة قايي التركية برئاسة سيدها سليمان شاه وابنه ارطغرل قد استوطنت في أرض مجاورة لحلب, وكان هم أرطغرل الاكبر الحفاظ على العالم العربي والإسلامي, وكانت وصية سليمان شاه لإبنه أرطغرل الهجرة إلى موطنهم الأصلي في جبال الأناضول, سيما أنَّ من يسيطر على هذه الجبال يستطيع أن يحكم السيطرة على المناطق المحيطة بها من بلاد الشام والعراق ووصولا إلى القسطنطينية بوابة أوروبا, وهذا ما حصل اذ انطلق العثمانيون من جبال الأناضول بحركة تمددية نوسعية وقاوموا بتوصيل أواصر العالم العربي والإسلامي واستعادة الخريطة كما كانت وطن ممتدد على ثلاث قارات.
عثمان وأحفاده
استطاع السلطان عثمان بن أرطغرل (1258م-1326م) ومن ثم احفادهم الحفاظ على العالم العربي والإسلامي وتوحيده بل التوسع نحو اوروبا, تمكنوا من إنشاء دولة خلافة إسلامية على ثلاثة قارات, كانت أكبر دولة في العالم حكمت بالشرع الإسلامي ووحدت هذا الوطن المترامي على امتداد الشرق والغرب لمدة تجاوزت السبعمائة عام, أي من قبل العام 1299 ميلادي إلى العام 1920.
الحرب العالمية الأولى: سقوط إمبراطورية
توريط الإمبراطورية
جاءت الحرب العالمية الاولى, وتم توريط الدولة العثمانية بدخولها, لتحقق هدفين, الأول تمثل بتفتيت هذه الدولة وتقاسم أراضيها التي تحتوي على النفط والثروات والثاني بإطلاق وعد بلفورد الذي أعطى لليهود الحق بإقامة دولة يهودية في فلسطين قلب العالم العربي والإسلامي, وهذا ما رفضه السلطان عبد الحميد رفضا قاطعا اواخر القرن التاسع عشر.
الذهب الأسود
النفط العثماني بدأ ينبع حيث ظهرت دلائل على وجوده، في العراق عام 1908 وهي جزء من الامبراطورية العثمانية وعلى رأسها السلطان عبدالحميد، فأي امتيازات لا يمكن الحصول عليها إلا من اسطنبول عاصمة هذه الامبراطورية، استطاع الأمريكيون أن يحصلوا عام 1908 على امتيازات عدة للتنقيب عن النفط والمعادن في كل أنحاء الامبراطورية العثمانية، وبعد أسابيع قليلة, وقع الانقلاب التركي ، وتم عزل السلطان عبدالحميد.
كان التنافس شديداً بين المانيا وبريطانيا, اهم الدول العظمى في ذلك الزمان, للحصول على امتياز من الامبراطورية العثمانية للتنقيب عن النفط. فقد استطاعت شركة سكة حديد الاناضول المملوكة من قبل البنك الالماني من الحصول على امتياز لمد سكة حديد في تركيا ومن ثم على تعديل شروط الامتياز في عام 1903 لتمديد السكة الى بغداد الذي عرف فيما بعد بخط سكة حديد برلين بغداد الشهير. كما اعطى ذلك الامتياز شركة سكة حديد الاناضول اولوية للتنقيب عن المعادن على جانبي مسار السكة. فقامت الشركة على اثر ذلك في 1904 بالحصول على موافقة اولية للتنقيب وتقديم تقريرها خلال سنة واحدة الا ان الشركة لم تلتزم ببعض الشروط مما ادى في سنة 1907 الى اعتبار الامتياز ملغيا.
لم يستطع بعد ذلك اي من الجانبان الالماني اوالبريطاني من الحصول على امتياز للتنقيب عن النفط بصورة منفردة مما ادى في النهاية الى توحيد جهود البلدين بانشاء شركة جديدة باموال المانية وبريطانية سميت بشركة النفط التركية. استمرت المناقشات بعدها بين الحكومتين الالمانية والبريطانية والمساهمين في هذه الشركة لتنتهي في اذار 1914 بتوزيع الاسهم بنسبة 47.5% لشركة النفط البريطانية الفارسية و 25.0% للبنك الالماني 22.5% لشركة شل و 5% ل كالوست كولبنكيان.
المطامع والأحقاد
فلسطين والبترول, كانت أهم الأهداف التي كان يصبو إليها الغرب في العالم العربي, والأهم تشكيل خارطة جديدة للمنطقة خالية من خلافة إسلامية ودولة مترامية على ثلاث قارات فيها الأراضي المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود وصحراء قاحلة تعوم على كنز أسود سيكون المورد الأساسي للحضارة الغربية التي تتقدم وتتطور وتنمو على حساب دولة عثمانية متهالكة ينخرها من داخلها أبناؤها من الأتراك والعرب من المسلمين والمسيحيين من اليهود والماسونيين.
المصادر
Share this content:
إرسال التعليق