ولادة قيصرية للحكومة اللبنانية: كيف ولماذا؟
ولادة قيصرية للحكومة اللبنانية بعد أكثر من سنة
عادة تحتاج الولادة إلى تسعة أشهر لكن في لبنان دائماً تاخذ الحكومة راحتها في الولادة في مدة وصلت أحيانا إلى أكثر من عشرين شهر في الولادات السابقة المتعسرة.
بسحر ساحر
ما الذي جرى من الأمس إلى اليوم حتى تشكلت الحكومة بسحر ساحر, وتوافق الجميع, وخرجت الحكومة إلى النور برئيس خرج إلى الإعلام يبكي البلد والولد ووالدٍ وما ولد, في مشهد دراماتيكي لا يتقنه إلا نجوم الدراما السورية وأبطال المسلسلات التركية. هذا الملياردير اللبناني أبكاه أوجاع اللبنانيين التي لم يشعر بها ولو لمرة ولم يواجه صعوبة المعيشة وضنك العيش حيث لا يعرف الضنك الدخول إلى قصوره المشيدة.
طارت المبادرة الفرنسية
أولاً جرى اتصال بين الرئيسين الفرنسي والإيراني ماكرون ورئيسي ويبدو أنه تم الإتفاق على ضرورة تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد, وبالتالي رضخت المبادرة الفرنسية للشروط التي يفرضها حلفاء إيران في لبنان, وأصبحت المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس ماكرون منذ سنة خاوية من مضمونها تماما بعد ضرب كل بنودها بعرض الحائط, ولم يتبق منها إلى شكلها.
رضوخ ميقاتي
ثانياً رضوخ الرئيس ميقاتي لشروط الرئيس اللبناني وإعطائه ثلث الوزراء وبذلك يكون الرئيس عون قد امتلك القدرة على تعطيل الحكومة بل إقالتها ساعة يشاء.
ثالثاً رضوخ الرئيس ميقاتي والموافقة على توزير وزراء حزبيين ينتمون إلى الأحزاب اللبنانية المتناحرة فيما بينها, وخصوصاً وزراء ينتمون إلى التيار الوطني الحر تيار رئيس الجمهورية.
إقرأ أيضاً كيف وصل لبنان إلى جهنم
تسوية عائلية
رابعاً حصول تسوية شبه شخصية عائلية بين الرئيس نجيب ميقاتي والوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر وصهر رئيس الجمهورية, من خلال تفاهم حصل بين صهر شقيق ميقاتي رجل الأعمال طه الميقاتي وصهر ريس الجمهورية جبران باسيل, وهذه التسوية لن يستطيع الشعب اللبناني معرف تفاصيلها إلا في الأيام القادمة ومن خلال مماسة العمل الحكومي, وستتجلى بالمحاصصة وتقاسم المصالح العامة في الدولة وعقد الصفقات الحكومية بغطاء من تلك التسوية التي ستسرع وتيرة العمل الحكومي شرط الاستفادة الشخصية والسمسرات المقنعة والعمولات الموزعة على الطرفين, مما سيزيد كلفة الإصلاحات ونعود إلى نقطة الصفر, اصلاحات بكلفة خيالية ونتائج أقل من متواضعة, بل رديئة وغير مجدية.
رضى أمريكي فرنسي
خامساً الرضى الأمريكي والفرنسي عن تشكيل الحكومة بأي شكل من الأشكال مع التراجع عن كل المحرمات التي وضعها الفرنسي والأمريكي, وذلك يعود إلى أمرين: الأول الخوف من توسع حزب الله في تعاونه مع إيران واستجرار النفط عبر البواخر الإيرانية إلى لبنان, حيث اعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ان البواخر الآتية من إيران هي أرض لبنانية متحدياً أي من القوى العسكرية الإسرائيلية والأمريكية من التعدي على تلك السفن, فقد وضع نصر الله خطاً أحمر ملتهب من الممكن ان يكون تجاوزه مؤشراً لاندلاع حرب في المنطقة, الطرف الإسرائيلي لا يريدها الآن.
محور مخيف
والثاني الخوف من أن يُفتح خط إيراني بحري مفتوح لا يقتصر على نقله للنفط والمواد الأولية إنما يتعدى ذلك إلى نقل الأسلحة والعتاد الحربي الممنوع دخول إلى لبنان بحسب القرار الأممي 1701.
ثالثاً وجوب وجود حكومة تحظى برضى كل الأطراف اللبنانية بما فيهم حزب الله لتنظيم عملية استجرار الغاز والنفط والكهرباء من الأردن ومصر عبر سوريا يرضى أمريكي لقطع الطريق على المدد الإيراني الملغوم.
وضاع البلد يا ولدي
أخيرا في كل مرة تضيع الشهور والسنين ومصالح الناس وتزداد أوجاعهم ومآسيهم في شد حبال بين الفريق المنتمي إلى ايران والفريق المنتمي إلى المحور الغربي, وللأسف ينتصر دائماً المحور الإيراني ويحقق ما يريد على خيبات المحور الغربي ويدفع الثمن الإنسان اللبناني المنكوب.
تلك النتيجة ليست جديدة او صادمة لأنه على مر ثلاثين سنة من بداية نشوء الصراع الغربي الشرقي في لبنان, يستهلك المحور الغربي كل أوراقه وطاقته وماء وجهه في مواجهة خاسرة مع المحور الإيراني تستغرق شهور بل سنوات, ينتصر فيها المحور الإيراني ويدفع الثمن لبنان بلدا وشعبا ومؤسسات ويخسر المحور الغربي كل طاقته وجمهوره ومصداقيته.
خلاصة
ما حصل هو اتفاق ثلاثي الأبعاد يقضي بتسليم البلد لحزب الله وتصعيد الأمور إيذانا ببدء نزاع وشد حبال إقليمي يؤدي للتوصل إلى اتفاق بين أمريكا وإيران حول البرنامج النووي مقابل إعادة إعمار سوريا ولبنان وإعطاء مكاسب لإيران في الشرق مقابل عودة لبنان وسوريا إلى الحضن العربي بغطاء فارسي.
المصادر
Share this content:
إرسال التعليق