بين فاطمة وسوزي: بين الأصالة والتقليد
بين فاطمة وسوزي: بين الأصالة والتقليد
فاطمة تنام باكرا, يعني كما يقول المثل تصلي العشاء وتنام مع الدجاج. في الصيف تنام عند العاشرة والنصف وفي الشتاء حوالي الساعة التاسعة متبعة بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحتى عادات الأوروبيين والأتراك الذين ينامون باكراً.
متعثرة ومتعسرة
سوزي تنام متأخرة وتسهر كثيرا, في البيت وخارجه, متبعة كلام المغنية المشهورة: ” يللي ما بيعشق وبيسهر لشو حياته”, تستيقظ متأخرة وغصبا عنها, اعتاد الجميع على تأخرها ونزولها صباحا مسرعة متعثرة بمشيتها المنهكة من قلة النوم.
إقرأ أيضاً ظاهرة الإلحاد بين الشواذ الفكري والإستعراض الإجتماعي
” نام بكير وفيق بكير “
فاطمة تستيقظ مع آذان الفجر, تستيقظ نشيطة مفعمة بالحيوية تصلي الفجر ومن ثم تنام قليلا أيام الصيف, وفي الشتاء, عندما يكون الفجر عند الخامسة, تظل مستيقظة لتحضر نفسها للخروج. تتناول فطورها صباحا عند السابعة وتشعر بحيوية كبيرة خلال النهار لتعود الى بيتها عصرا لتتناول طعام الغداء وتنال قسطا من الراحة لتتابع حياتها بعد العصر.
إقرأ أيضا كيف أكون فتاة صالحة
نهار متعب
أما سوزي فتعاني من صداع شديد, أغلب الأحيان طوال النهار, ولا تستطيع التركيز في عملها كما يجب, ودائما تشكو من النسيان والغثيان في أوقات العمل, تجوع عند الساعة الثانية عشر ظهرا فتتناول فطورها, تذهب الى البيت كالمخدرة لتنام أربع ساعات ولتستيقظ بعد وقت الغروب مصدعة جائعة, وتسمع محاضرة من أبيها الحزين لوضعها :”تنامين عندما يستيقظ الناس وتستيقظين عندما ينام الناس” ,”مكتوب على ورق الخيار من يسهر بالليل ينام بالنهار”.
إقرأ أيضا ً كيف أكون فتاة مثالية
جولة ليلية
أما فاطمة فتخرج بعد أن تصلي المغرب لتصل رحمها وتقضي بعض حوائج البيت وترضي والديها وتبر أخواتها وإخوانها وتعود الى البيت بعد صلاة العشاء بوقت وجيز لتجلس قليلا على التلفاز متابعة برنامجا مفيدا او مستمعة الى أخبار الدنيا ومن ثم تتكل على ربها وتنام.
مصدعة
أما سوزي تستيقظ بعد الغروب مصدعة, فتحتاج لحوالي الساعتين حتى تستعيد نشاطها , بالإضافة الى كوبين نسكافيه وركوة قهوة ثقيلة, وبذلك تكون الساعة قد بلغت حوالي العاشرة ليلا حيث يبدأ الناس بتحضير أنفسهم للنوم, وتبدأ سوزي بالتحضير لسهرتها.
إقرأ أيضا المرأة المتحررة للتسلية أم للإرتباط
أين السهر, أين المفر؟
إما في البيت على شبكة الانترنت او على المحطات الفضائية الفارغة أو خارج البيت مع صديقاتها مايا ومريانا وديانا حيث يلتقون بالأصدقاء سامر ورافي ورامي في أحد المقاهي أوفي منزل أحدهم ويطول السهر ويحتارون كيف يمضون وقتهم, فيبدأ السمر ولعب الورق بالتسلل الى السهرات, بالإضافة الى أنفاس المعسل والمدبس والسجائر, وتنشأ خلال هذه السهرات علاقات حميمة وتتوطد فيما بين الذكور من جهة والإناث من جهة أخرى وتتطور الى حد الإعجاب والملاطفة و…., الله أعلم.
يصف أغلب الناس فاطمة بالمتخلفة المنزوية المنعزلة بينما هي على الحقيقة راضية مرضية فهي تتقي الله فيجعل لها مخرجا, وترضي نفسها ووالديها فيبارك الله لها في عمرها وعملها.
رهينة
اما سوزي فيصفها أغلب الناس بالمتحررة المتحضرة الاجتماعية وهي على الحقيقة حائرة, غاضبة من نفسها, مستسلمة للفوضى والكسل الذي تعاني منه, ورهينة الضياع الإجتماعي والبحث عن السعادة في غير موضعها.
تقليد
انه التقليد الأعمى لحثالة الغرب لان الغرب المتحضر ينام باكرا ويستيقظ باكرا وكنا نرى الاجانب العاملين في الخليج ينامون عند الساعة الثامنة والنصف مساء ويستيقظون عند الرابعة والنصف فجرا, ذلك لأنهم عرفوا أن الحق يعلو ولا يعلى عليه وأنه لا يصح إلا الصحيح.
سنة بشرية
الأوربييون والأتراك وغيرهم, عندما مكنهم الله عز وجل من الوصول إلى قمة النجاح الصناعي والتجاري والاقتصادي والعلمي, لم يمكنهم نكاية فينا بل مكنهم لأنهم استحقوا ذلك في دنيا الأسباب ولأنهم أتقنوا عملهم وأخذوا بأسباب وسنن النجاح في الدنيا فمنحهم النجاح.
رفاهية دون إنتاج
أما نحن فنسهر على مآسينا ونفرح ونرقص لمصائبنا, ونطلب الرفاهية ونحن نيام مخمولون, نسأل عن الشهادة قبل الدراسة وعن المال والربح والثروة قبل العمل والكرامة والعزة قبل التضحية وبذل النفس والمال, ونرجو التوصل إلى الاختراعات والاكتشافات ونحن نخيط ملابسنا بإبرة ألمانية ونأكل بملعقة يابانية ونشفط العصير ب”شليمونة” صينية,حتى قلنسوة الحج ومسابحه تصنع في الصين.
أسباب الهناء
لا عزة إلا بالعودة إلى أسباب العزة ولا حضارة إلى بالجد والإجتهاد والبناء, ولا تطور إلا بالمثابرة وإتقان العمل, ولا صحة ولا عافية إلى بالمحافظة على نمط حياة سليم بدءا من النوم والغذاء والرياضة والحركة, فتقليد الغرب في ترفه مغالطة كبيرة إذ علينا ان نمر بجهده أولا واجتهاده حتى نصل إلى الترف والرفاهية الملائمة لعاداتنا وتقاليدنا وديننا الجنيف.
المصادر