ظاهرة الإلحاد: بين الشذوذ الفكري والإستعراض الإجتماعي
ظاهرة الإلحاد: بين الشذوذ الفكري والإستعراض الإجتماعي
لا يستطيع الإنسان إلا أن يشعر بما في داخله من مكنونات, ذلك النداء الفطري الخفي, ذلك الذي يسكن عقله وقلبه ووجدانه, يحسه إحساسا ويراه يقيناً منيثقاً من عقله وقلبه, وينتج عن تحليله للتساؤلات العظيمة التي تشغل باله, فيبدأ بالبحث والتساؤل, ولا يرتاح حتى يتعرف على الله حق المعرفة ويطلع على رسالته ويقرأ كتابه ويتبحر في سيرة وسريرة رسله.
أغلب حالات الإلحاد في مجتمعاتنا العربية خاصة ناتجة عن:
الضياع الفكري أثناء البحث والتبحر والتحري والإنغماس بقراءة أفكار لعلماء وفلاسفة ومنظرين كانوا قيد البحث والتساؤل والتحري حين كتبوا تلك الكتب وطرحوا تلك الأقكار والتساؤلات لكن سرعان ما وجدوا الحقيقة بالمتابعة على طريق العلم والبحث والتأكد بصدق, كأن الملحد حين يتأثر بهم يكونون في قمة ضياعهم أو في الطريق إلى الوصول إلى الحقيقة, فيضيع معهم و ينشغل بتساؤلاتهم, فيصلون إلى الله ولكنه يبتعد عنه, سيما أن أغلب العلماء وصلوا إلى حقيقة وجود إله خالق لهذا الكون.
ترك الأصل لأجل الفرع
الشواذ الفكري, فهو حالة من التقوقع المجتمعي للانفصال عن المجموع, الذي من الممكن ان يكون معيباً في سلوكه وأخلاقه أو فاشلاً في مشروعه أو ماكراً في تعاطيه, فينسحب الضحية من المجموع ليعلن براءته من هذا المجتمع, فيكفر بمن يُفترض به أن يلجأ إليه ويهتدي به, ويترك الأصل لأجل الفروع المهترئة فينمو مع العشب الطفيلي والكلأ, ويشرب من مياه آسنة.
إقرأ أيضاً: الإلحاد موقف فكري أم مشكلة نفسية
الإستعراض والإنضمام إلى جماعة خالف تُعرف, وتشكيل نوادٍ وندوات وتجمعات على مقاهي خاصة يرتادها أصحاب هذا الفكر لا يتعدى صدى فكرهم فناجين قهوتهم واجتماعهم.
مجرد فقاعة
الإعتقاد بان نفي الإيمان برب كل الناس ومعبودهم, سيُكَبِّر النافي ويعطيه حيثية فكرية وجدلية, فيتصدر المجالس والشاشات وينتهي به الأمر ليُصبح فقاعة إعلامية وإجتماعية وفكرية.
إقرأ أيضاًك النفس البشرية والعوالم خفية
صدمة نفسية وإقصاء
أغلب حالات الإلحاد تكون ناتجة إما عن صدمة أو ردة فعل بعد إقصاء أو إيذاء من قبل أناس متدينين أو يدعون التدين, او إما بسبب الفشل في تحقيق غايات شخصية من خلال الدين والجو المتدين, فينتفض الملحد ليحارب نفسه قبل ان يحارب المجتمع والدين, ويصبح حالة شاذة وتأخذه العزة بالإثم وينشرح صدره للكفر.
من يبحث يصل؟
أما بخصوص من يبحث ليجد الحقيقة وهو باحثٌ صادق يتحرى الأدلة العقلية والحسية والمنطقية للوصول إلى الحقيقة المطلقة, فهؤلاء كثر, وهم أساس ونواة المؤمنين الذين يبنون إيمانهم على علم وبصيرة وقناعة, ويصلون في نهاية المطاف إلى حقيقة هذا الكون الذي له خالق واحد متفرد بالألوهية والعلم والقدرة والإرادة المطلقة التي لا يعرف لها العقل البشر حداً ولا يستطيع تصورها بالكامل لأن العقل البشري مخلوق ومحدود, ولا يستطيع الأدنى استيعاب الأعلى بل يهتدي بهديه ويتنور بنوره.
يتحجج الملحدون بحجتين يعتقدون انها قائمة على أسس علمية, منها نظرية داروين والتي نصت على أن الخلق نشأ وتتطور بناء على وجود الخلية الأولى والطبيعية وتطور الخلايا وتشكل الكائنات وتطورها بحسب متطلبات الطبيعة والقدرة على الإستمرار وتطوير نفسها بنفسها, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وخاصة للباحث الصادق عن الحقيقة من أوجد الطبيعة؟ ومن أوجد الخلية والكائنات؟ ومن اعطاها القدرة على الحياة والتطور والإستمرار بهذا الشكل المنظم؟.
الإنفجار الكبير
والحجة الثانية حجة الإنفجار الكوني العظيم BIG BANG, والسؤال هنا الذي يطرح نفسه بل الأسئلة!, ما الذي انفجر؟ وكيف وُجد؟ ومن أوجده؟ وكيف انفجر؟ أي من الذي أعطاه الطاقة والقوة التي أدت إلى الإنفجار؟ وكيف ولَّد هذا الإنفجار كوناً منظماً يقوانين علمية ومنظومة شمسية وأرض مأهولة وبشر وكائنات حية؟
عادةً لا ينجم عن الإنفجار إلى الفوضى!, إلا اذا كان هناك قوة, وهذه القوة يبدو للقاصي والداني بأنها عاقلة ومبدعة, أضف إلى ذلك هل هذه القوة العاقلة المطلقة لن تتواصل مع من خلقت وتخبرهم عن سبب خلقها لهم؟ كلها أسئلة لا تؤدي إلا إلى الوصول إلى الله سبحانه وتعالى ورسالاته ورسله.
نظرية آينشتاين والملائكة
إذا أراد الإنسان ان يتميز فليتميز بالعقل الذي لا حدود لتساؤلاته وبحثه حتى يصل إلى الحقيقة, فأغلب العلماء ومنهم ومن اتُهم بالإلحاد أوصلونا إلى الله من حيث لا يعلمون او يعلمون, أينشتاين الذي اكتشف نظرية النسبية والزمان والمكان والزمكان وتحدث عن سرعة ضوء التي إن تجاوزها أحد ذهب إلى الماضي, أو إلى عالم الخلود أو اللانهاية IMMORTALITY , لم يُذَكِّرنا إلا بالملائكة المخلوقات النورانية التي تتنقل بين عالم السماوات وعالم الكون بسرعة فائقة وتستطيع أن تنجز أي عمل بأقل من ثانية, يحتاج البشر لأيام للقيام به:” قال الله تعالى في سورة النمل:( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ), لما رأى سيدنا سليمان المعجزة لم ينبهر يقدرة الملائكة بل قال هذا من فضل ربي ليبلوني.
المصادر