كشمير: سهل بين ثلاث دول صعبة -1-
كشمير: سهل بين ثلاث دول صعبة -1-
التعرف على كشمير
نسمع كثيرا بكشمير, وبالتوتر الحاصل فيها والنزاع القائم على أرضها. وبالعذاب الذي يتعرض له شعبها وبعدم الإستقرار السائد فيها. فلا بد بدية من التعرف على كشمير قبل ان ندخل في صلب الموضوع.
أرض كشمير: منطقة جغرافية متنازع عليها تقع شمال غرب الهند وباكستان والصين في وسط آسيا. عُرفت كشمير بأنها المنطقة السهلية في جنوب جبال الهملايا الشاهقة الإرتفاع والوعرة من الجهة الغربية. فقد تعرضت للاحتلال من قبل جمهورية الصين والباكستان والهند, لاستراتيجية موقعها وجغرافيتها المنبسطة في أعالي الجبال.
في منتصف القرن التاسع عشر كانت “كشمير” تشير إلى الوادي المنبسط بين جبال الهيمالايا وجبال بير بنجال. أما اليوم، فقد أصبحت كشمير تدل إلى منطقة أوسع تتضمن المناطق التابعة للهند “جامو وكشمير”. والمناطق التابعة لباكيستان وهي “أزاد كشمير”، و”جيلجيت – بالتيستان”، والمناطق التابعة للصين، وهي: “أكساي تشين”، و”ترانس كاراكورام تراكت”. على الرغم من أن “جامو” الهندية جزء من كشمير المُتنازع عليها، إلا أنها جغرافيًا ليست جزءً من وادي كشمير . منطقة “جامو” يسكنها شعب “دوجرا” الذي ينتمي تاريخيًا وثقافيًا ولغويًا وجيوغرافيًا لمنطقة شعب البونجاب ومناطق الباهاري والذين كانوا ينتمون في السابق لما عُرِفَ بـ”دول مرتفعات بونجاب”.
أول حاكم مسلم لكشمير
عام 1339، أصبح “شاه مير” هو أول حاكم مسلم لكشمير، بادئًا بحكمه هذا ما عُرِفَ لاحقاً بـ”سلاطين كشمير” أو فترة حكم “سواتي”. وخلال الخمسة عقود اللاحقة حكم كشمير ملوك مسلمون من نسل “شاه مير”، بما فيهم “موغلز”، والذي حكم كشمير من 1586 وحتى 1751، ومن بعده حكمت إمبراطورية دواني الأفغانية، والتي سيطرت على كشمير من 1751 وحتى 1820 في تلك السنة، قام السيخ بقيادة “رانجيت سينج” بالاستيلاء على كشمير. وعام 1846، بعد هزيمة السيخ في أول حرب بينهم وبين البريطانيين، وقبل شراء المنطقة من البريطانيين تحت بنود معاهدة “أمريتسار”، أصبح “جولاب سينج” حاكم جامو، هو الحاكم الجديد لكشمير. واستمر حكمه وحكم ورثته تحت رعاية البريطانيين حتى عام 1947، حينها أصبحت كشمير محل نزاعات بين الهند البريطانية، وباكستان، وجمهورية الصين الشعبية.
كشمير والجرح النازف منذ عام 1947
إقليم جامو وكشمير غني جدا بموارده الطبيعية، وطبيعته الخلابة، وتصل مساحته إلى أكثر من مائة وسبعة وثلاثون ألف كيلومتر مربع، ويصل عدد سكانه نحو 20 مليون موزعين بين الشطرين الهندي والباكستاني ودول الشتات. أنعم الله على كشمير بكل أسباب الثروة والجمال والموقع الاستراتيجي، تحت قدمي الهملايا، لكن لسوء حظ الكشميريين أنهم يقعون في منطقة استراتيجية بين دول نووية ثلاث، الصين وباكستان والهند.
اختطاف
اختطفت الهند مقاطعة جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، بافتعال طلب الحاكم الهندي «المهراجا» “جولاب سينج” حاكم جامو، عام 1946 ببقاء الإقليم مع الهند. وكان قد اتفق مع الزعيم المحلي الشيخ عبد الله الانضمام للهند، بدل الاستقلال، وأقنع السلطات الهندية أن الغالبية من السكان تريد البقاء تحت سيطرة الهند، لكن سكان الإقليم أطلقوا موجة احتجاجات ومظاهرات وراحوا يقاومون الضم بالقوة، فقامت الهند بإرسال قوات محمولة لإخماد حركة الاحتجاج، ما دعا إلى تدخل قوات قبلية وباكستانية لنصرة الكشميريين.
نزاع وحروب
من هنا بدأ النزاع وأدى إلى تمزق الإقليم بين الهند وباكستان. وقد سبب الإقليم ثلاث حروب بين الجارين الكبيرين، لكن الحرب المقبلة، التي تحذر باكستان من وقوعها باستمرار، كان آخر هذه التحذيرات في كلمة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، في الجمعية العامة الأخيرة، ستكون مختلفة تماما عن الحروب السابقة. لقد أصرت الهند على إبقاء الإقليم تحت سيطرتها، علما أن مجلس الأمن الدولي اعتمد ثلاثة قرارات في مسألة كشمير في الأعوام 1947 – 1949 تدعم حق شعب كشميرفي تقرير مصيره عن طريق استفتاء حر ونزيه، كما نص على ذلك القرار 47، الذي اعتمد في 21 إبريل 1948.
الهند رفضت
كما دعا القرار 91 (1951) إلى حسم النزاع عبر محكمة العدل الدولية، لكن الهند رفضته. لقد بلغ عدد آخر القرارات المتعلقة بالمسألة الكشميرية 11 قرارا بين عامي 1948 و1951 كلها تدعو لإجراء استفتاء للسكان الأصليين، ليقرروا بأنفسهم ما إذا كانوا يريدون الاستقلال، أو الانضمام للهند أو لباكستان. لكن بقيت قرارات مجلس الأمن الدولي حبرا على ورق أمام صلف الهند، تماما مثل حليفتها إسرائيل، ولولا جهود باكستان لغابت المأساة الكشميرية عن رادار العالم.
مع نهاية المواجهات الأولى بين الهند وباكستان، أنشات الأمم المتحدة بعثة للمراقبة لغاية أن يتم الاستفتاء، وما زالت قائمة. لقد أقرت الهند كنوع من المرونة بعد المواجهات عام 1954 اتفاقية خاصة. تنص على «وضع خاص» للإقليم، بحيث يخضع لحكم ذاتي، ولا يجوز لشخص من خارج الإقليم الاستيطان فيه. وبقيت الأمور بين مد وجزر ومواجهات ووساطات إلى يوم 5 أغسطس 2019 عندما قرر برلمان الهند، الذي يسيطر عليه حزب ناردرا مودي إلغاء تلك «الوضعية الخاصة» واعتبار الإقليم جزءا لا يتجزأ من الهند.
إقرأ أيضاً أفغانستان دولة حبيسة على طريق الحرير
دخول الإسلام
يعود تاريخ دخولها الإسلام في القرن الأول الهجري في زمن محمد بن القاسم الثقفي. الذي دخل السند وسار حتي وصل إلي كشمير، وضمها جلال الدين أكبر عام 1587 إلى دولة المغول الإسلامية ودخلها الإنجليز عام 1839.
إجراء استفتاء
قررت الأمم المتحدة عام 1949 إجراء استفتاء حر ومحايد لتقرير مصير كشمير باكستان ومع ذلك، فإن قرار الأمم المتحدة اللازمة لتسليم أجزاء من كشمير كانوا قد احتلوها بحيث استفتاء يمكن أن تحدث، وبالتالي فإن الاستفتاء لم يحدث أبدا. وتعتبر كشمير نقطة ساخنة للنزاعات لأنها مقسمة بين 3 دول. إذ تدّعي كل من الهند وباكستان والصين بأحقيتها بالإقليم كاملا. وتستند كل جهة على مجموعة من الحقائق التاريخية والديموغرافية لتدعم مطالبها بحكم الإقليم وضمه كاملا. بينما تطالب مجموعة متزايدة من السكان بالاستقلال الكامل من كل الدول الثلاث.
بريطانيا تؤجر كشمير
غزت بريطانيا شبه القارة الهندية سنة 1819م. وقد جوبهت بمقاومة عنيفة من المسلمين. واستمرت الحرب سجالاً بين بريطانيا يعاونها بعض القوى من هندوس وسيخ وبوذيين. ولم تستطع بريطانيا الاستقرار والسيطرة عليها إلا بعد (27) سنة من الحروب المستمرة بشدة مع المسلمين أي في سنة 1846م. بعد ذلك استطاعت بريطانيا بسط سيطرتها على المنطقة، وقسمتها إلى ثلاثة أقسام.: قسم حكمته مباشرة في حدود 55٪ من شبه القارة. وهذا القسم نسبة المسلمين فيه كبيرة. وقسم حكمته عن طريق حكام ولايات، هندوس ومسلمين، نصبتهم على (565) ولاية حكم ذاتي. وقسم ثالث هو كشمير أجّرته إلى إقطاعي هندوسي مدة مئة عام. وذلك بموجب عقد إيجار وقع في (أمر ستار) وصارت تعرف باتفاقية أمرستار. وكانت الاتفاقية من 1846 إلى 1946.
المصادر
Share this content:
إرسال التعليق