الظلم والجور في العمل بحق العمال

الظلم والجور في العمل بحق العمال

الظلم والجور في العمل بحق العمال

إن الظلم والجوْرَ والحيف والقهر والبخس والمطل والقسوة والكبر؛ صفات ماحقة، وأخلاق مهلكة، تورث العقوبة،

وتستمطر الغضب، وتتلف الأعصاب، وتمض الأفئدة، وتمزق المجتمع، وتخل بالأمن، وتحبب الانتقام، وتنافي الإنسانية،

وتفني المروءة؛ ثم إلى جهنم، وبئس المصير! وإن الله تعالى يخذل الظالم ولو كان مسلما، وينصر المظلوم ولو كان كافراً.
ولقد أصبحنا في هذا الزمن نرى ونسمع ونقرأ كثيرا من قصص الظلم، وعدداً من صنوف القهر، وألواناً من

مشاهد البخس والمطل والقسوة، وذلك مع العمال والخدم بالدرجة الأولى، وقد قرأنا في الصحف قصصا كلها

تستثير المشاعر، وتهز الوجدان، وتلهب الضمائر.
إحداها قصة عامل أنقذ من الموت في اللحظات الأخيرة؛ إذ أقدم على الانتحار وغرس السكين في عنقه،

فأخذ يتشحط في دمه، إلا أنه رُؤي فأُنقذ ونجا من الموت، وتبين أن السبب في ذلك هو عدم إعطائه مرتباته،

فقد كان يعمل لشهور عديدة، ورفض صاحب العمل صرف رواتبه له، فلم يهتد إلى نصير أو معين،

وألهبت قلبه نيران القهر، فلم يجد أمامه إلا أن يريح نفسه بالخلاص منها، والعياذ بالله!.
وهناك قصص لخادمات انتحرن إما شنقا وإما بإلقاء أنفسهن من عمائر شامخة، وذلك للأسباب نفسها من

البخس والقهر وسوء التعامل، إن مثل هذه القصص نذير شَرٍّ،وعقوبة وانتقام؛ لأن الظلم أقبح الذنوب وأخطرها،

والسماوات والأرض إنما قامت على العدل، والله تعالى قد أقسم أن ينصر المظلوم ولو بعد حين.
يمكنك ايضا مشاهدة مقالي زملاء العمل وكيفية التعامل معهم 

وإن هنالك عدة مظاهر لهذا الظلم والحيف التي يجب التحذير منها، والتنبيه إليها، ومن أهمها:

– انتقاص العُمَّالِ والخدم، والنظرة الدونية إليهم: وعدم مجالستهم ومؤاكلتهم ومخالطتهم، وهذا مظهر من مظاهر الكبر التي تقطع الطريق إلى الجنة.
إن الإسلام أخبر أن الناس سواسية كأسنان المشط، وأن الفرق والتمايز بالتقوى فقط، وأن العامل ورب العمل هم إخوة في الدين والإيمان، وأن هذه طبيعة الحياة بأن يسخَّر أحدهما لآخر

– عدم الوفاء بالعقود والعهود معهم: فإن هنالك كثيراً من الناس يأتي بعمال وموظفين وقد أبرم معهم اتفاقيات معينة، وتعاهدوا عليها، ثم يغدر به، أو يظلمه، أو ينقص من أجره، ويجري عليه ضغوطا كثيرة تجعله يرضخ ويستسلم، لكن قلبه وفؤاده ومشاعره تغلي نارا للقهر والغدر وانتهاك الحق، ونكث الميثاق، فويل للظالمين من عذاب شديد!.

المماطلة في صرف الرواتب وتأخير المستحقات: إن كثيرا من العمال والأجراء يتغرب أحدهم عن أهله، ويفارق زوجته، ويهجر أبناءه، ويغادر أباه وأمه، وهم بأمس الحاجة إليه، ثم يعيش غريبا عنهم، بعيدا منهم، ثم يهلك جسمه، ويتلف أعصابه، وينثر عرقه، بل وأحيانا دماءه، كل ذلك من أجل أن يفرح نهاية الشهر بثمن بخس، دراهم معدودة يوزعها على والدين كبيرين، وامرأة بائسة، وصبية يتضاغون، وقد لا ينال منها إلا شيئا يسيرا.

– الاعتداء باللسان واليد: فإن كثيرا من الناس لا يتردد في إطلاق السباب والشتائم، بل واللعن على مَن هم تحت يده، بل والضرب أحيانا، وهذا من أقبح الذنوب.
إن العبد المملوك -فضلا عن العامل- لا يجوز ضربه، أو تعذيبه، أو إطلاق اللسان بالسباب له

– تأخير إجازاتهم: وهذه أيضا من مظاهر الظلم التي لا تجوز بحال، يجب أن يأخذ العامل إجازته في وقتها فهي حق من حقوقه، وتأخيرها ظلم كبير، وسبب خطير في تفشي المنكرات بين المسلمين.
إذا كنت تنام في أحضان امرأتك، منعَّماً بين أهلك وذويك، فتذكَّرْ أن هذا العامل ينام وحيدا بائسا مهموما كأنما ينام على الجمر، يخفق قبله، وتدمع عينه، وليس له من أهله وأبنائه إلا رسائلهم التي امتزج حبرها بدموعهم ودمعه، أو صورا تُهيِّج الغرام، وتؤجج الشوق، اليوم عنده كالسنة، والساعة كالشهر، ثم تذكر حال من ينتظرون رؤيته، ويتحرقون للقائه.

يمكنك مشاهدة مقال عن حقوق العمال على موقع ويكبيديا 

Share this content:

إرسال التعليق