زواج الأضداد: قنبلة موقوتة
زواج الأضداد: قنبلة موقوتة
إن تناقض واختلاف المعتقدات والثقافات والعادات والأفكار والتوجهات والأهواء، وتناقض البيئات الإجتماعية في شكلها ومضمونها وسلوكها ونمط معيشتها الإقتصادي والأدبي والأخلاقي والديني, قد ينسحب على العائلة الواحدة, العائلة الكبيرة والصغيرة, في نفسها وذاتها وتركيبتها الداخلية، ويعم ليشمل حتى البيت الواحد انطلاقاً ووصولاً إلى المباني والأحياء والمناطق والمدن والبلدان.
هل الأضداد تنجذب؟
مع أن الأضداد تنجذب لبعضها علمياً ,تكمن المشكلة في أن ما يصح في المغناطيس لا ينطبق على العلاقات العائلية على الإطلاق، فإن الناس يميلون إلى الانجذاب إلى من يشبهونهم.
لذلك لا أدري كيف يتفق الأضداد على الزواج وينجبوا أبناء وبنات حاملين تلك الجينات الوراثية المتناقضة, سيما أنَّ الأولاد يعيشون التناقض الإجتماعي والتنافر السلوكي والتباين المعيشي, الذي أفرزه هذا الزواج, متضادين متناقضين لا يجمعهم إلا الرحم ومنهم من يقطعه.
هل يوجد انسجام دائم؟
الصلة تحتاج إلى انسجام دائم وتجانس وتفاهم مستمر وتناغم وتوافق مدروس حتى تستسمر. وزواج الأضداد له أسبابه وظروفه وحيثياته بأن يتزوج قوي من ضعيفة أو فقير من ثرية أو متفلت من ملتزمة أو متعلم من أمية أو بالعكس.
يحدث زواج الاضداد نتيجة لظروف إستثنائية خاصة: شخصية مادية نفسية عاطفية ومنها آنية, يتحمل الطرفان نتيجتها مدى الحياة, ومن الممكن أن تكون أسباب مصلحية تراكمية اجتمعت, أو لأغراض وأهداف تكاملية بحيث يرى الشخص في ضده ما يكمل نقصه أو يملئ فراغه أو يحسن من أوضاعه المعيشية والإجتماعية, إلا أنها تؤسس لمشاكل مستقبلية تتعلق بالاستمرارية وقدرة تحمل الطرفين على حياة المداراة والاستيعاب والاحتواء وتقبل الإختلاف والتباين.
يبدأ برغبة
يحدث زواج الأضداد برغبة من الطرفين وأحياناً بثورة من أحد الطرفين أو كلاهما, ثورة على واقعهما وعدم الرضى عن العائلة والوسط والبيئة والمجتمع الذي عاشا فيه أو أتيا منه, فيتجهان إلى المجتمع النقيض والشخصية المناقضة والوسط الذي يُكَمِّل ما يراه الشريك نقصاً في حياته وشخصيته وتركيبته الإجتماعية.
إقرأ أيضاً: قوة الشخصية أساس الشراكة السليمة
مسالم أم مشاكس؟
إلا أن الشريك إذا دخل إلى المجتمع النقيض مسالماً متصالحاً مع نفسه راغباً بالتكامل والتواصل والتعايش يكون قد وفر على نفسه وأولاده فصولاً من النزاعات والتنافر وإنتاج جيل من المتضعضعين والمهزوزين جراء التخاصم والأجواء السلبية, أما إذا دخله مشاكساً متحدياً للحفاظ على شخصيته من الإنصهار في عالمه الجديد, تبدأ هنا فصول الحرب العائلية المدمرة.
من يدفع الثمن؟
أول من يدفع ثمن هذا التناقض والتضاد هم الأولاد بحيث يعيشون صراعاً قاسياً في بيئتين متناقضتين, صلة الوصل بينهما أحب الناس إلى قلوبهم، الأب والأم، سبب وجودهم ونبع حنانهم ومصدر أمنهم وأمانهم وملاذهم ومأواهم وقدوتهم ومثالهم الأعلى وسقفهم وأرضهم ولحافهم وغذائهم المادي والمعنوي والروحي.
ضنك العيش
المعضلة الكبرى والتعاسة وضنك العيش والمرض الإجتماعي العضال ينطلق من صراع الوالدين المستمر على فرض كلٍ منهما ثقافته وبيئته وعاداته في محاولات متعبة ومضنية ومؤذية، والطامة الكبرى تكون في عناد كلا الطرفين بعدم التنازل المرحلي والتكتيكي الذي يهدف للتفاهم والتواصل والإنصهار والتكامل وإيجاد الحلول الوسط التي تؤمن الجو العائلي المريح.
المصادر