حكومة لبنان وميقاتي الحزين:هل في جعبته من حلول؟
حكومة لبنان وميقاتي الحزين: هل في جعبته من حلول؟
باريس طهران بيروت
أتت هذه الحكومة بتوافق فرنسي ايراني وبرضى أمريكي, لكن الحلة التي أتت بها الحكومة هي حلة ايرانية بامتياز مطعمة بقبول سني على مضض.
حكومة مهمة
كما قال رئيسها نجيب ميقاتي إنَّ هذه الحكومة حكومة مهمة, مهمة مزدوجة, التخفيف من عصف الإرتطام الكبير المتوقع والمنتظر, والثانية اجراء انتخابات نيابية, يُصر المجتمع الدولي على إجرائها, ويبقى الموقف الإيراني ضبابي, فهو بطبيعته يستعمل التقية السياسية, ويبدو لغاية اللحظة موقفه مؤيداً لإجراء الإنتخابات ولكن بتوجس من النتائج المتوقعة, والتي يطمح المجتمع الدولي أن ترجح كفة نتائجها لصالح الفريق المعارض لحزب الله, وهناك ترجيحات بأن الساحة المسيحية والسنية ستكون عرضةً لتغيرات كبيرة فيما الساحة الشيعية ستحافظ على أحادية التمثيل المتمثل بالثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
أزمة العصر
أما بخصوص الوضع الإقتصادي فإن لبنان أشبه بمريض في مرحلة بداية الغيبوبة مع اشتراكات ونزيف داخلي, ويحتاج إلى عناية مركزة وCONSULTANTS أطباء إستشاريين. صندوق النقد الدولي له شروط كثيرة ومتشعبة ومتشابكة اقتصاديا وماليا وإدارياً وأمنياً وهذه الشروط من المتوقع أن تتضارب مع مصالح حزب الله وإيران ويمتد هذا التضارب ليشمل النظام السوري وارتباطاته مع محور الممانعة.
مع وضد
حزب الله وفي أكثر من مناسبة ألمح صراحةً إلى انه مع أي إصلاحات وشروط يفرضها المجتمع الدولي شرط أن لا تمس سيادة لبنان والمتمثلة بالنسبة له بمصالحه وارتباطاته, فالسيادة في لبنان نسبية وانتقائية وكلٌ يراها بحسب منظوره الخاص, لذلك فإن السيادات اللبنانية باتت شعارات يتضارب بها الأطراف المتنازعون تاركين الوطن ينزف والشعب يجوع.
حُبلى ستُجهض
لذلك فإن حكومة الأشهر التسعة الحبلى بأزمة العصر ومهمتيها عرضة للإجهاض في أي لحظة, فلنبدأ بالإنتخابات النيابية والتي إن شعر حزب الله والتيار الوطني الحر بأنها لن تأتي بمجلس نيابي فيه الأكثرية المؤيدة له, كالمجلس الراهن, فإنهم سيُقْدِمون على عرقلة الإنتخابات وتأجيلها تحت أي حجة, فالحجج جاهزة, واهية أو محقة, كالوضع الأمني وعدم توفر الموارد المالية والإدارية واللوجستية, جائحة كورونا, خلق جو من البلبلة الأمنية قبيل اجرءا الانتخابات, أي حجة موجودة ومتوفرة في بلد يمسك بزمام مفاصله حزب الله وحلفاؤه.
بهاء وسعد
أما بالنسبة إلى تيار المستقبل الممثل السياسي للأغلبية السنية فهو أيضاً عرضة لخسارة محققة حيث أن شعبيته تراجعت كثيراً بفعل الكثير من العوامل التي اجتمعت كلها ضد هذا التيار وكأن القدر لم يعد يقبل بوجود سعدالحريري في الحياة السياسية في لبنان وبات بيت الحريري السياسي مهدد بالإقفال المؤقت حتى إشعارٍ آخر, حيث أنه يبدو للعيان أن شقيق سعد الحريري الأكير بهاء الحريري رجل الأعمال الناجح قد شق طريقه في الحياة السياسية في لبنان منذ مدة غير وجيزة, واطلق عدة وسائل إعلام وبدأ يتحضر لولوج الحياة السياسية من حيث انتهى أخوه وفشل.
لذلك فمن الممكن أن يتحرك تيار المستقبل متضامناً مع الحزب وحلفاؤه لإلغاء الإنتخابات النيابية حتى يحافظ على وجوده الحالي ولا يخرج نهائيا من الحياة السياسية في لبنان ويمنع بهاء الحريري من دخولها من بابها العريض عبر الانتخابات النيابية.
مالك الحزين
ميقاتي والمثقل بخيبات السنوات الثلاثين الماضية بات يعزف منفرداُ ويغرد كمالك الحزين كما شبهه محمد رعد رئيس كتلة حزب الله النيابية, فبالنسبة للقضاء حزن على ما يجري للقاضي بيطار لجهة عزله وكف يده عن التحقيق بملف انفجار بيروت بعد تلقيه تهديداً من حزب الله بالمباشر عبر مسؤول العلاقات العامة للحزب الحاج وفيق صفا, كما أعرب ميقاتي عن حزنه على شاشة ال CNN بسبب دخول النفط الإيراني إلى الأراضي اللبنانية عبر المعابر الغير شرعية ودون اسئذان السلطات اللبنانية, وهذا الحزن هو نذير عسر وعجز الميقاتي عن اداء المهمات الموكلة إليه وأنَّ العصي جاهزة من الآن لوضعها في دواليبه.
أما بالنسبة لشروط صندوق الدولي فالعنوان يدل على المكتوب, ومن المتوقع ان تكون العراقيل بانتظار ميقاتي وحكومته تحت مسميات السيادة والأمن والمصالح والإقتصاد والأمن الوطني والقومي, لذلك فإن هذه الحكومة لم تأتِ إلا لتُظهر البلد بأنه محكوم بالإجماع الظاهري والتعطيل المبطن, فهي واجهة من زجاج داكن يتخفى ورائه تفاهم فرنسي ايراني أمريكي على ضرورة لملمة الوضع اللبناني حتى لا يتمادى الحزب في رمي لبنان في أحضان إيران.
إذأً لبنان إلى أين؟
من المتوقع أن يظل الوضع في لبنان من تدهور إلى آخر ومن ارتطام إلى ارتطام, كالطابة, حتى يتوفر المناخ المناسب للحزب وحلفائه بتكوين منظومة سياسية حاكمة في لبنان, شبيهة بالأنظمة العربية, تعتمد على حزب حاكم بحلة وديموقراطية ظاهرة, وبدولة عميقة ديكتاتورية تدير هذا البلد إلى الجهة التي تريد, مع إقصاء كامل للمعارضة او تحجيمها حتى لا يكاد يُسمع لها صوت أو يُرى لها فعل.
الشعب الثائر المأزوم
اما الشعب المأزوم والمقهور والمهدور فسيخفت صوته شيئاً فشيئاً كما بدأ فعلياً حصوله واقعاً منذ أشهر ويزيد, وذلك بسبب يأس اللبناني من جدوى أي تحرك أو حراك من خلال تجربته المريرة, سيما أن الثورة ستدخل عامها الثاني بعد أقل من شهر ولم تغير شيئا بل أدت إلى شرعنة بقاء السلطة الحاكمة ك “هي أو لا احد”. وسيكون مآل لبنان الى انقسامه خدماتياً إلى مناطق خدماتية طائفية ومذهبية تدير شؤونها بنفسها وستتعطل الدولة كمرافق وخدمات وتصبح مؤسسات الدولة متاحف الجمهورية اللبنانية.
المصادر