النزاعات العائلية: كيف تنشأ؟
النزاعات العائلية: كيف تنشأ؟
هناك أبعاد ثلاث يجب أخذها بعين الإعتبار في تشخيص وتطور النزاعات الأسرية: البعد الديني والبعد الإجتماعي والبعد النفسي الوجداني. كذلك فإن عامل الوعي والثقافة والعلم يلعبان دورا اساسيا في تفادي المطبات والعوائق التي تنشأ بشكل طبيعي عند اي تغيرر أو انتقال أو تحول . سننطلق أولاً من الوعي الذي يجب أن يتحلى به كل فرد من أفراد المجتمع فيما يخص الحياة العائلية والزوجية ومقصد الزواج وبناء الأسرة.
يحمل الزواج قيمة عالية لا يمكن الاستغناء عنها والمرور بدونها في هذه الحياة؛ وذلك لأنّه يوفّر للإنسان العديد من الأشياء التي لا يمكن له أن يحصل عليها من دون الزواج، كالشريك المحب وبناء العائلة والاستقلالية الاجتماعية والحياة الهنيئة والإكتفاء.
دور الإعلام
زور الإعلام وخاصة الأفلام والسلسلات حقيقة مقصد العلاقة الطبيعية التي تقوم بين شخصين, بل شوه الفطرة الإنسانية وتلاعب بها وجعل من العاطفة المحضة والغريزة البحتة دافعا وحيداً للارتباط. صدَّر الإعلام مشهداً مقززاً وسعى لتقييد الإرتباط في إطار عاطفي بحت يتأجج ليصبح غرائزي وعندما تنطفئ الشهوة والرغبة ينطفئ الدافع إلى الاستمرار في الحياة الزوجية.
الهدف من الزواج
فأول سبب من أسباب النزاعات هو عدم معرفة مقصد الحياة الزوجية وأدبياتها وخصائصها ومضمونها وأسلوب عيشها, فالارتباط الزوجي هو ميثاق بين رجل وامرأة للعيش سوياً ما استطاعوا بالمودة والرحمة مع تأمين مقومات الإستمرار وسبل العيش, وإنجاب الأطفال لتكوين عائلة فاعلة في المجتمع. فهو رسالة وأمانة ومؤسسة يضع مداميكها الأساسية الدين والعقل والمنطق والقلب والعاطفة مجتمعين.
بعد الزواج وانتهاء مفاعيل البهجة والرهجة والفرحة يجد الطرفان نفسيهما تحت سقف واحد, كلٌ يبدو للآخر على حقيقته وتبدأ العيوب بالتكشف والسيئات بالظهور, وهذا أمر طبيعي من الممكن تجاوزه بالثقافة الدينية والوعي المجتمعي والإدارك المسبق لحقيقة اختلاف الطباع والأمزجة والعادات.
الأعباء والمسؤوليات
كذلك وفي خضم معركة الحياة, بترتب على كلٍ من الطرفين مسؤوليات وأعباء حتى تستقيم الحياة وتستمر, وتبدأ العاطفة بالخفوت والروتين بالظهور. فإن لم يكن الطرفان مستعدان نفسياً وعقلياً وثقافياً لمواجهة هذه الحياة الجديدة بإيمان ديني راسخ وثقافة مجتمعية هادفة ووعي وإدراك, فإن النزاعات ستبدا بالتغلغل على أتفه الأسباب ويصبح الطرفان بحالة نفسية ومزاج صعب يولد احتقاناً دائماً يمنعهما من الإستمرار سوياً.
مفاتيح الحل
يكون الحل بداية بالتثقيف المسبق للزوجين ولكن في حال لم تكن هذه الثقافة موجودة, فسيتوقف الحل على نية الطرفين او أحدهما بإصلاح الحال والبحث عن حلول, إما بالمشورة العائلية والإجتماعية, ومن الأفضل اللجوء إلى أشخاص ثقاة متجردين مثقفين يضيئون للطرفين طريق الوفاق ويحثونهم على التغيير للاستمرار بنمط معيشة أفضل يبدأ بقبول الآخر وتدوير الزوايا وفهم مقصد الزواج وبناء الأسرة بطريقة واقعية مستقاة من منابع دينية وثوابت علمية ثقافية وأمثلة اجتماعية واقعية .
دور المحيط الإجتماعي
وطبعاً للأهل الدور الأكبر في التشخيص المبكر للنزاعات والمشاكل. كما أن التدخل في الوقت المناسب لجلب الطرفين إلى ضفة الإصلاح وتدارك الأمر من بداياته حتى لا يتفاقم. كذلك يلعب المحيط الإجتماعي من الأهل والأقارب والأصحاب دوراً هاماً في التوعية أو إذكاء الخلاف, وهذا ما سنتناوله في المقال القادم.