التعليم عن بعد في العالم و الوطن العربي:
التعليم عن بعد حول العالم:
تعتبر الطباعة الركيزة الأساسية لبداية انتشار نظام التعليم عن بعد، وشكلت قاعدة الدروس بالمرسلة حيث تشكل نظام التعليم عن بعد على تكنولوجيا الطباعة والكتاب سواء أكانت:
- نص مكتوب
- صور مخطوطات
- رسومات
- منحنيات
- خرائط وغيرها
وتمحورت وظيفتها في الإعلام ، أي انتقال المعلومات ” دروس، امتحانات ” من المعلمين “المؤسسة ” نحو المتعلمين في اتجاه واحد، ثم يكون الرد من قبل المتعلمين في شكل استفسارات أو أجوبة الامتحانات المرسلة سابقا.
ويعود انتشار الطباعة بصورة كبيرة إلى 1445 م في أوروبا الغربية.
حينما وجد يوهانس جوتنبرج في اللحظة المناسبة حلا لإحدى المشكلات التي لم تعد تنتظر التأجيل بالنسبة لأوروبا في ذلك الوقت، وهي مشكلة الإنتاج الأسرع والأرخص للكتاب أي مشكلة الوسيلة الأكثر فعالية لنشر المعلومات
خاصة مع تزايد الطلبات على الكتاب و مع تزايد عدد الذين يعرفون القراءة والكتابة في المدن والمؤسسات الجامعية
و حين أثار اكتشاف المخطوطات المتعلمين وزاد بدوره من الطلب على أمثال هذه المؤلفات.
غير أن اختراع الطباعة لم يكن ليسهم وحده في نجاح انتشار نظام التعليم بالمراسلة، ذلك أن هذا الأخير قائم على أربع متطلبات أساسية هي:
المرسل :
المتمثل في المعلم أو المؤسسة
المستقبل :
و يتمثل في العنصر الذي يمثل المتعلم
الرسالة :
و تتمثل الرسالة في الدروس والامتحانات
وسيلة الاتصال بين المرسل والمستقبل :
العنصر المتمثل في المراسلات البريدية القائمة على وجود شخص معين يقوم بنقل هذه المراسلات ذهابا و إيابا بصورة دائمة
تمثلت في البدايات المبكرة في أغلب الحالات في القوافل التجارية التي تجوب مختلف بقاع المعمورة
ثم تطورت في العصر الحديث لتأخذ شكلا نظاميا وهو مكاتب البريد والاتصالات.
بداية نظام التعليم بالمراسلة :
لكن المتعمق لأغوار التاريخ قد يجد أن الكثيرين يرجعون بداية نظام التعليم بالمراسلة إلى القرن الخامس قبل الميلاد حيث انتشر أسلوب المراسلات العلمية لأفلاطون وفلاسفة يونانيين آخرين مع تلاميذهم، كما وظفته التربية الإسلامية بطريقة فعالة
ونعود بأذهاننا إلى شيوخ الطرائق الفكرية والمذاهب واللغة والأدب في العصر العباسي وما تاله وما كان يجري بينهم وبين مريديهم والمعجبين بفكرهم وطالب المعرفة الدارسين عليهم من تراسل.
مثال:
راسل المرزبان بن محمد إلى أبي سعيد السيرافي يسأله عن مائة وعشرين مسألة في القرآن والروايات عن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضوان الله عليهم، كما أرسل أيضا أبو جعفر إلى السيارفي كتابا يسأله عن سبعين مسألة في القرآن الكريم ومائة كلمة في اللغة العربية وثلاث مائة بيت من الشعر وأربعين مسألة في الأحكام.
رغم أن ذلك قد يفتقر إلى الشق الثاني من معادلة نظام التعليم عن بعد المتمثل في الطوابع والمكاتب البريدية المنظمة والتي يعتمد عليها الشق الأول ألا وهو الرسائل المطبوعة والتي قد تكون درس أو كتاب، أو امتحان أو غيرها.
وأحصل على شهادة معتمدة
نشأة نظام التعليم عن بعد :
في حين يرجع آخرون نشأة نظام التعليم عن بعد إلى بداية إنشاء المكاتب البريدية المنظمة في بريطانيا عام 1410 م
حيث بدأت أول محاولة فردية من المعلم إسحاق بينمان ، الذي كان يرسل تعليمات وتوجيهات دراسية في الاختزال لطالبه مكتوبة وبواسطة البريد.
بينما ظهرت أول التنظيمات المؤسسية للتعليم بالمراسلة حيث أنشئت الكلية الجامعية للتعليم بالمراسلة في لندن
وكلية و لسيهول وعن طريقهما استمر تقديم التعليم بالمراسلة مع التعليم التقليدي من أجل توفير نوع من التعليم للجميع وخاصة برامج التربية الحرة وبرامج المرحلة الثانوية.
ولقد ابتكر هذا النوع من التعليم لضمان استمرار الدارسين في أداء واجباتهم الوظيفية والدراسية في نفس الوقت.
خاصة لمن فاتهم الالتحاق بالتعليم النظامي التقليدي أو من لديهم التزامات عائلية لا يستطيعون معها الاستمرار بالتعليم
أو من يقف البعد الجغرافي عن مراكز التعليم عقبة في طريق تعلمهم لذلك كان أسلوب التعليم بالمراسلة الملاذ الذي اتجه إليه هؤلاء وغيرهم ممن لديهم طموحات علمية.
تاريخ التعليم عن بعد في ألمانيا:
وجاءت ألمانيا تاريخيا بعد بريطانيا فيما يخص ظهور التعليم بالمراسلة
حيث بدأ كل من تشارلز توسنت Charles Tousseint وهو فرنسي كان يقوم بتعليم اللغة الفرنسية في برين، وجوستاف لانشيت Gustaf Langenscheidt عضو جمعية اللغات الحديثة في برلين عام 1856 بتأسيس مدراس لتعليم اللغات بالمراسلة.
رغم أن الدروس كانت مقتصرة على الجانب الكتابي أكثر كونه لا يتطلب التفاعل المباشر بين المعلم والمتعلم، على عكس الجانب الشفهي وما يتعلق بالنطق الصحيح لحروف اللغات والذي يعتمد على النظر والسمع في نفس الوقت بقصد التدريب على النطق الصحيح، الا أن التجربة كانت ناجحة ورائدة.
تاريخ التعليم عن بعد في الولايات المتحدة الأمريكية :
في الولايات المتحدة الأمريكية قامت آنا إليوت تكنور Anna Eliot Ticknor من بوسطن بتطوير منظمة لتشجيع التعليم المنزلي.
عن طريق مدرسة خاصة للتعليم بالمراسلة قائمة على تبادل الرسائل البريدية ذهابا و إيابا بين المتعلمين والمعلمين كل شهر، والمتضمنة القراءات الموجهة والاختبارات الدورية، وهذه كانت بمثابة القاعدة المنهجية للتعليم بالمراسلة المنظم فيما بعد.
في نفس العام قامت جامعة إلنوا ويسليان الأمريكية Illinois Wesleyan ببدء تقديم دروس تحضيرية بالمرسلة للطلبة غير المقيمين قصد تحضيرهم لاجتياز اختبارات الجامعة الاستفادة من قروض مالية تمكنهم من الحصول على درجات علمية:
- بكالوريا ماستر
- دوكتوراه.
وبذلك تكون الجامعة قد أعطت فرصة للراغبين الانضمام إليها بتزويدهم ببرامجها الخاصة والتي قد تكون عونا لهم للنجاح في اختبارات القبول بها.
فأغلب الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية منذ القدم إلى حد الساعة تعتمد سياسة المسابقات الالتحاق بها
فضلا عن شهادة النجاح في التعليم الثانوي.
تاريخ التعليم عن بعد في السويد:
أما في السويد فبدأ هانس هيرموند Hans Hermond في ثمانينيات القرن التاسع عشر عام 1880 م
برنامجا للتعليم بالمراسلة للطالب الذين يضطرون لترك مدنهم الأصلية أو محال إقامتهم من أجل الدراسة في أماكن بعيدة عنها وفقا لحاجاتهم الدراسية
و كان هذا البرنامج يتم تنفيذه عن طريق إرسال الدروس بالبريد وقد أطلق عليه في ذلك الوقت التعليم بالخطاب.
فالهدف هنا كان محاولة تجسير الفجوة الجغرافية بين الراغبين في التعليم ومؤسسات ومراكز التعليم المنتشرة عبر إرجاء المعمورة.
وأحصل على شهادة معتمدة
تاريخ التعليم عن بعد في الاتحاد السوفيتي :
في أواخر 1920م اعتمد الاتحاد السوفيتي على أهداف تعليمية مختلفة ترمي لزيادة مخرجات النظام التعليمي
فقد ساهمت مشاريع التعليم بالمراسلة المبكرة قليلا في نظام التعليم بقدر ما أنتجت خرجين من مختلف المستويات التعليمية.
وعلى النقيض من الغرب الأمريكي فإن نظام التعليم بالمراسلة في الاتحاد السوفيتي تم دمجه مع التعليم النظامي الجامعي بصورة متكاملة
بحيث يستطيع الطلبة التنقل بين الدوام الكلي، الدوام الجزئي، الدراسة بالمراسلة للحصول على درجة علمية أو مؤهل تقني.
فالهدف من هذا النظام هو إعطاء فرصة للقوى العاملة من متابعة تعليمها والحصول على مؤهلات عالية بالإضافة إلى توفير تكوينات مهنية عن بعد لتكوين وتدريب الأفراد وتجهيزهم لدخول سوق العمل.
والواضح أن التعليم بالمراسلة في المجتمعات الغربية قد أخذ شكلين أساسيين أفرزتهما الظروف الجغرافية والاجتماعية والسياسية
حيث تمثل الشكل الأول في انتشاره بصورة واسعة في المجتمعات الأكثر نموا ديموغرافيا مثل:
- الأرجنتين
- كندا
- أستراليا
- الاتحاد السوفيتي
حيث كان شبه مستحيل توفير التعليم للأفراد الذين يعيشون في المناطق النائية والبعيدة
أما الشكل الثاني فقد استخدم في المستعمرات، حيث اكتسب التعليم بالمراسلة أهميته بالنسبة للأفراد الذين يقطنون في المستعمرات بعيدا عن بلدانهم الأصلية
مثل البريطانيين الذين يقطنون إحدى المستعمرات الإمبراطورية البريطانية فليس لهم فرصة الالتحاق المباشر بالمؤسسات الجامعية لذلك يكونون أنفسهم عن طريق المراسلة للتحضير الامتحانات الجامعة في بريطانيا.
في المجتمعات العربية اختلفت التجربة من مجتمع إلى آخر، وجاءت متأخرة نوعا ما عن المجتمعات السابقة الذكر نظرا للظروف السياسية الاقتصادية والاجتماعية الثقافية التي خلفها الاستعمر الغربي للمجتمعات العربية.
تاريخ التعليم عن بعد في البلدان العربية :
في عام 1987 تم إنشاء الجامعة المفتوحة في الجماهيرية الليبية، تعتمد الجامعة على الوسائل التعليمية من مادة مقروءة
وتشمل الكتاب المنهجي الجامعي، المذكرات ووسائل الإيضاح التعليمية وبرامج الإشراف المباشر والمحاضرات وحلقات النقاش.
كما وتعد جامعة القدس المفتوحة الأولى من نوعها في المجتمع العربي، حيث بدأ التفكير في إنشائها عام 1975
انطلاقا من احتياجات الشعب الفلسطيني للتعليم العالي في ظل ظروفه السكانية والاجتماعية والاقتصادية تحت الاحتلال الإسرائيلي
وبطلب من منظمة التحرير الفلسطينية قامت منظمة اليونسكو بإعداد دراسة الجدوى لمشروع الجامعة والتي استكملت وأقرها المؤتمر العام لليونسكو عام 1980.
وأقرها المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1981
وفي الفترة الممتدة بين أواخر 1985 و 1991 تم إعداد الخطط الدراسية والكليات واعتماد التخصصات العلمية
و إنتاج المواد التعليمية وخاصة المطبوعة والكتب الطالبية ثم الوسائط التعليمية المساندة السمعية والبصرية، وفي 1991 باشرت الجامعة خدماتها التعليمية متخذة من مدينة القدس الشريف مقرا رئيسيا لها
وأنشأت فروع ومراكز دراسية في المدن الفلسطينية الكبرى.
والملاحظ أن المدة الزمنية منذ التفكير في إنشائها إلى غاية افتتاحها 1975-1991 أي ما يقارب 16 سنة
هي مدة طويلة نوعا ما، ضيعت فرص كثيرة لأشخاص كثر في تلقي التعليم المفتوح
خاصة والظروف السياسية التي عانى منها الفلسطينيون
واضطرارهم إلى الانتقال إلى مجتمعات عربية شقيقة بهدف التعليم
بالإضافة إلى ما عاناه البعض منهم في بعض هذه المجتمعات.
وتوالت التجارب العربية وغير العربية في تبني نظام التعليم بالمراسلة، انطلاقا من مبدأ حق الجميع في التعليم
وعلى حكومات المجتمعات أن تسعى جاهدة لتوفير أساليب مختلفة لتوفير فرص التعليم لكل فرد من أفرادها بما يتناسب مع ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضا، وأنشأت مراكز وطنية ودولية ترعى هذا النظام بالتمويل والتطوير والتقويم.
وأحصل على شهادة معتمدة