مصر عبد الناصر… ماذا حققت؟!

مصر عبد الناصر… ماذا حققت؟!

 

الأسطورة

أسطورة العرب في العصر الحديث, تربع زعيما على العقول والقلوب فترة الخمسينات والستينات، جمال عبد الناصر، إسمٌ مدوٍ لرجلٍ ملأ الدنيا وشغل الناس، فهو الذي غيَّر تاريخ مصر، وأعاد قناة السويس إلى عروبتها وأصحابها الأصليين، وحرك نزعات التحرر في العالم العربي من قيود الإقطاعية، وأضفى نكهة خاصة على همة الإنسان العربي الخارج من براثن الإستعمار والانتداب والوصايات… ولكن كان هذا الخروج من الإستبداد دخولاً في ظلم وظلمات الإشتراكية صاحبة الشعارات الجذابة التي تتستر تحتها مافيات الدكتاتورية والإقطاعية المقنعة وأصحاب المآرب من المحرومين في العهود السابقة والمصابين بفجع السلطة والجاه والمال في العهود الحالية….

إقرأ أيضا تقسيم محجة السائحين

الرهان الخاسر

لقد أخذ عبد الناصر الإشتراكية والقومية نهجاً ومشروعاً لإعادة إحياء وتوحيد الأمة العربية المفتتة، ونسي أن من جمع هذه الأمة ووحدها بل من أوجدها من الأساس منذ 1400 سنة هو الدين الاسلامي ولولا هذا الدين لما تغير التاريخ وسقطت أكبر وأعظم ثلاث دول في تلك الحقبة، فارس والروم والقسطنطينية، وما كان للمد العربي والإسلامي ليصل إلى المغرب وأوروبا ومشارف الصين لولا دافع الدعوة إلى الله ونشر الدين الإسلامي وتبليغ رسالة التوحيد الى سائر شعوب الأرض، فكيف لعبد الناصر أن يعيد إحياء تلك الأمة بدمٍ غير دمها الأصلي وبروحٍ دخيلة لا يمكن أن تنسجم مع نسيج مجتمعاتنا التي اعتادت على ثوابت الشرع الاسلامي الحنيف الذي يُعتَبَر سبب وجودها وتطورها، فروح هذه الأمة هو القرآن وعقلها هو الشرع ومنظمها وموحدها والذي رفع من شأنها وأخرجها من قبيلة قريش إلى العالم كله هو دين الله الحنيف.

الفشل سيد الموقف

فَشِلَ عبد الناصر…! وما سمي بالنكسة كان هزيمةً تاريخية نكراء غيرت وجه العالم العربي. حاول هذا الرجل أن يُلبِسَنا غير لباسنا الذي اختاره الله لنا، ربما فاته أن يسمع قول عمر بن الخطاب عند فتح بيت المقدس حيث قال: ” نحن قومٌ كنا أذل الناس فأعزنا الله بالإسلام، ومهما طلبنا العزة من دون الله أذلنا الله “…. وإعادة فتح بيت المقدس لن تكون إلا على طريق عمر بن الخطاب.

 

الخطأ المميت

سمعت يوماً أحد السياسيين المصريين يقول: ” إن عبد الناصر رجل عظيم وقيادي فريد وقائد نادر ورئيس فذّْ، له سيئات كثيرة تمحوها حسناته العظيمة ومآثره الضخمة وقرارته التاريخية، وتستطيع أن تغفر لعبد الناصر كل أخطائه وسيئاته إلا خطيئة واحدة، لا تغتفر, خطيئة تورطه في هزيمة عام 1967…!!!” وهذا التورط ليس بالضرورة أن يكون تورطاً متعمداً أي أن يصل إلى حد العمالة، ولكن مجرد الفشل والهزيمة تحت قيادة عبد الناصر، خاصة وبالنظر إلى شكل ومضمون التحضيرات الإعلامية والتعبوية واللوجستية والعسكرية التي سبقت الحرب من تحميس وتجييش واستفزاز متعمد للعدو سرعان ما اتضح بعد ذلك أنه كان كالنملة التي تستدرج فيلاً للقتال.

 

معادلة لم يمحوها الزمان

لن أدخل بأي تفاصيل عسكرية أو بنيوية للنظام المصري آنذاك، لإثبات سبب فشل عبد الناصر لأني أعتقد أن ما ذكرته آنفاً كافٍ حتى يفشل أي قائد عربي، ما لم يحترم ويُقِّر بإسلام مجتمعاتنا، ويحترم نهجاً وشرعاً كان المدماك الأساس ولا يزال، استند عليه معظم القادة العرب والمسلمين حتى فتحوا كل تلك البلاد وأصبحت دولة العرب والإسلام تمتد من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.

Share this content:

إرسال التعليق