علاقة الإنسان بالموت وفكرة الإنتحار
علاقة الإنسان بالموت وفكرة الإنتحار
كاريكاتور مكتوب
يعتقد أغلب الناس أن الموت هو إتكاء الرأس على الكتف اليمين وتنتهي الحكاية, يعني بالعربي الدارج:” خلصت القصة”, أو كما يقول الفنان محمد سعد (اللمبي) في أحد أدواره: ” إزاي مات “, يرد عليه :” مات كده, نِزِل يِمين”.
مات وارتاح
أو كما يردد الكثير من العامة::” مات فلان , ارتاح “, أو كما يردد الكثيرون:” لا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه”, السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يعلم الكثيرون حقيقة ما سيواجهه المرء عند الموت وخلاله وبعده, فالمتبصر يعلم أن الموت هو شبيهٌ تماماً بيوم القيامة, ولكن يومُ قيامةٍ فردي على مستوى الشخص الذي يواجه مصيبة الموت.
حقيقة الموت
على الحقيقة وكما اخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إن للموت سكرات, فالروح لا تخرج من الجسد بسلام إلا إذا عمل الإنسان في حياته واجتهد وثابر, أما إذا اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني فستخرج الروح نزعاً: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) سورة ق الآية 19.
البرزخ
بعد ذلك يكون السؤال في القبر وتبدأ حياة البرزخ فإما نعيم مقيم في قبرٍ روضة من رياض الجنة وإما عذاب مهين في حفرة من حفر النيران. فعن أي راحة يتكلمون وبعد الموت مسار طويل يبدأ من لحظة وصول ملك الموت إلى ان يدخل الإنسان إلى أحد الجزائين, إما جنة وإما نار.
مسار طويل
فهذه الراحة المرجوة لها مسار طويل من العمل والصبر والمجاهدة في حياتنا اليومية, والجنة التي حُفت بالمكاره لا يدخلها إلا من دان نفسه وعمل لما بعد الموت, والنار التي حُفت بالشهوات لا يدخلها إلا من أتبع نفسه هواها ولم يكبح جموحها ولم يلجم نزواتها.
إقرأ أيضاً الإكتئاب والإيمان
لحظة قاتلة
في لحظات اليأس والقنوط يفكر بعض البشر بوضع حد لحياتهم بالإنتحار, وهدفهم المنشود هو الراحة, يعتقدون انهم سيدخلون بعد الموت في حالة سبات عميق وراحة من الهموم والشجون, ولا يدرون أن عالم ما بعد الموت هو حياة الخلود, حياة حقيقية في عوالم غيبية, لا يرتاح فيها إلا من آمن وعمل صالحاً وصبر وجاهد نفسه وهواه.
طرف الخيط
من ينشد الراحة بعد الموت عليه أن يتعرف على مالك يوم الدين, وأن يعبده ويستعين به, وان يطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم, عليه أن يُحَضِّر قلبه كي يكون سليماً حتى يأتي الله بقلب سليم.
قبس من نور
من أهم الظروف التي تدفع الإنسان إلى التفكير بالإنتحار ليست الهموم والعجز والمصائب والصدمات, بل الخواء الروحي والفراغ العاطفي العائلي, فالروح تحتاج إلى غذاء كما يحتاج الجسد, وتحتاج إلى ضمير حي وشخصية فذة, قوية بإيمانها, مفعمة بالأمل الذي لا ينطفئ حتى لو اسودت الدنيا كلها, فيبقى وميض الأمل بالله ينير حياتنا, ننظر إليه لا نرى غيره رغم السواد الحالك, إلا أن هذا السواد وبالتركيز على الأمل بالله المنير يصبح بياضاً ناصعاً, حاول أن تركز على النظر إلى الضوء, وسترى بعد لحظات أنَّ كل ما حولك أبيض وتنفصل عن الواقع, انفصالاً يوثق علاقتك بالله وليس انفصالاً انعزالياً بل انفصال يجعلك تعيش في عالم الأمل مع العمل والمثابرة والمحاولة الدائمة للخروج من الظلام الحالك.
المصادر
Share this content:
تعليق واحد