مراحل تطور الموارد البشرية

مراحل تطور الموارد البشرية

مراحل تطور الموارد البشرية

شهد مجال الموارد البشرية تطورات متلاحقة على مر الزمن، حيث مرّ بمراحل عديدة حتى وصل إلى الشكل الحالي الذي نعرفه اليوم. ساهمت هذه التطورات في توسيع نطاق الموارد البشرية من دور تقليدي يقتصر على التوظيف والأجور إلى دور استراتيجي شامل يهدف إلى تطوير الموارد البشرية كعنصر أساسي من عناصر نجاح المؤسسة. يمكن تقسيم تطور الموارد البشرية إلى خمس مراحل أساسية، تتمثل فيما يلي:

1. المرحلة التقليدية (أواخر القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين)

في هذه المرحلة، كانت إدارة الموارد البشرية تُعرف باسم “إدارة شؤون الموظفين” وتركز على الوظائف الإدارية والتنظيمية الأساسية المتعلقة بإجراءات العمل داخل المؤسسة. كانت هذه المرحلة تركز بشكل أساسي على إدارة الأجور والرواتب، والحضور والانصراف، إضافةً إلى الاهتمام بتطبيق قوانين العمل بهدف تحقيق الرضا الوظيفي.

أصبحت هذه الإدارة مسؤولة عن توثيق السجلات الوظيفية وتنظيم العمالة، حيث كان ينظر للموظفين كمجرد عناصر لإتمام العمل، وكان الاهتمام بمفهوم “تنمية الموظفين” ضئيلًا.

2. مرحلة العلاقات الإنسانية (الخمسينيات والستينيات)

مع ظهور حركة العلاقات الإنسانية في خمسينيات القرن الماضي، تم التركيز على تحسين الظروف البيئية والنفسية للموظفين داخل مكان العمل. ظهرت أهمية الجانب الإنساني في العلاقة بين المؤسسة والموظف، مما ساهم في تغير النظرة للموارد البشرية، إذ أدركت الشركات أن الإنتاجية مرتبطة برضا الموظفين وظروف عملهم، وبالتالي برزت برامج الرعاية الاجتماعية والنفسية.

في هذه المرحلة، ازداد الاهتمام بتطوير مهارات الموظفين وتلبية احتياجاتهم النفسية والمعنوية، مما ساهم في بناء بيئة عمل تعزز الإنتاجية وتقلل من معدلات الدوران الوظيفي.

3. مرحلة التطوير التنظيمي (السبعينيات والثمانينيات)

شهدت هذه المرحلة تطورًا في مفهوم الموارد البشرية ليشمل التطوير التنظيمي الشامل للمؤسسة. أصبحت الشركات تتبنى برامج تدريبية تهدف إلى تطوير المهارات الفنية والقيادية للموظفين، وظهرت أدوات جديدة مثل تقييم الأداء ووضع استراتيجيات التوظيف واختيار أفضل المواهب.

كان لهذا التطور أثر في ظهور مفهوم “التطوير الوظيفي” وإعداد الموظفين ليكونوا قادة محتملين في المستقبل. كما بدأت الموارد البشرية في هذه المرحلة بتحديد الهيكل التنظيمي المناسب وتطوير استراتيجيات العمل، بهدف تعزيز التوافق بين الموظف ومؤسسته.

4. مرحلة الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية (التسعينيات)

في التسعينيات، حدث تحول كبير في دور الموارد البشرية، حيث أصبحت جزءًا استراتيجيًا من الهيكل التنظيمي للمؤسسات. تطور دور الموارد البشرية ليشمل المشاركة في صياغة أهداف المؤسسة وتحديد استراتيجياتها، وتطوير الخطط التي تتماشى مع رؤية وأهداف المؤسسة.

تم تعزيز مفهوم “رأس المال البشري” واعتبار الموظفين أصلًا مهمًا لنجاح المؤسسة، وأصبحت الموارد البشرية تتبنى أساليب إدارة تتعلق بالتنوع الثقافي، والمساواة بين الجنسين، وتطوير بيئة العمل.

5. مرحلة التحول الرقمي والابتكار (منذ الألفية الجديدة حتى اليوم)

مع تطور التكنولوجيا في الألفية الجديدة، دخلت الموارد البشرية في مرحلة التحول الرقمي. اعتمدت الشركات على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وأنظمة إدارة الموارد البشرية الإلكترونية لتحسين إدارة عمليات التوظيف وتقييم الأداء، وظهرت برامج وتطبيقات تسهم في تنظيم الموارد البشرية وزيادة الكفاءة.

بالإضافة إلى ذلك، أدت العولمة والتغيرات الاجتماعية المتسارعة إلى تحول إدارة الموارد البشرية نحو العمل عن بُعد، وظهور مفاهيم جديدة تتعلق بإدارة العمل المرن، وتوفير بيئة عمل رقمية.

خاتمة

خضعت الموارد البشرية لتحولات هائلة عبر السنين، بدءًا من كونها وظيفة إدارية إلى أن أصبحت جزءًا حيويًا من استراتيجيات الأعمال. هذه التطورات جعلت من الموارد البشرية عنصرًا أساسيًا في تعزيز الأداء المؤسسي، وتحقيق أهداف النمو والابتكار.

Share this content:

إرسال التعليق