الطّاقة البديلة… مستقبل مشرق وطاقة بلا حدود
الطّاقة البديلة… مستقبل مشرق وطاقة بلا حدود
أصبحت أيّامنا التي نستخدم فيها الوَقود الأُحفوريّ (الفحم) معدودة، لذلك تتّجه أكثر البلدان إلى استخدام مصادر الطّاقة البديلة عن المصادر التّقليدية.
يشير مصطلح “الطّاقة البديلة” إلى مصادر الطّاقة المتجدّدة، والتي تعني طاقة دائمة لا نهاية لها ولا يمكن أن تنفد مثل الشمس، وهي تتميّز بأنّها لا تتطلّب تقنيّات الاستخراج المكلفة، حيث يتوفّر الكثير من تلك المصادر لنا على السّطح، كما أنّها بديلة للمصادر الأكثر استخدامًا مثل الفحم أو الوقود الأحفوري القابل للنّفاد، والذي يُطلِق ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجويّ ويُسبّب تغيّر المناخ والاحتباس الحراريّ.
أنواع ومصادر الطّاقة البديلة
هناك عدد مذهل من أنواع الطّاقة البديلة، بعضها معروف جيّدًا والبعض الآخر لم يُسمع به نسبيًا، نذكر منها:
- طاقة الرّياح: إنّها واحدة من أنظف مصادر الطّاقة وأكثرها سهولة؛ لأنّها طاقة دائمة ولا تُطلق انبعاثات الكربون كمنتَج مرافِق للطّاقة، كما أنّها أيضًا قابلة للتّجديد لأنّ الرّياح ستكون موجودة دائمًا.
- الطّاقة الشّمسيّة (الكهروضوئية): هذا هو المصدر الأكثر شيوعًا للطّاقة البديلة، والسّبب أنّ الطّاقة الشّمسيّة متجدّدة تمامًا؛ فكمّية الطّاقة الشّمسيّة التي تصل إلى سطح الأرض في ساعة واحدة هي أكثر من إجمالي متطلّبات الطّاقة على كوكب الأرض لمدّة عام كامل، بالإضافة إلى أنّه يمكن استعادة تكاليف التّركيب من خلال توفير فاتورة الكهرباء، إلا أنّ الألواح الشّمسيّة بمرور الوقت قد تتعرّض للتّحطّم، أو تتأثّر بالطّقس في البلدان ذات الظّروف الجويّة المتقلّبة.
- الطّاقة الحراريّة الجوفيّة: ويتمّ إنتاجها من خلال تسخير الحرارة الطّبيعية تحت سطح الأرض لتدفئة المنازل مباشرة أو لتوليد الكهرباء.
- طاقة الكتلة الحيويّة: هي عبارة عن تحويل الوقود الصّلب المصنوع من المواد النّباتيّة إلى كهرباء، عن طريق حرق المواد العضويّة لإنتاج الكهرباء، وهي في الوقت الحاضر عملية أكثر نظافة وكفاءة، من خلال تحويل النّفايات الزّراعيّة والصّناعيّة والمنزليّة إلى وقود صلب وسائل وغاز، حيث تولّد الكتلة الحيويّة الطّاقة بتكلفة اقتصاديّة وبيئيّة أقلّ بكثير.
- الطّاقة النّوويّة: ونستطيع إنتاجها عندما نقسّم نواة الذّرّة لنحصل على طاقتها، وهذا ما نسميه بالانشطار. الكهرباء المتولّدة من الطّاقة النّوويّة ليست متجدّدة، ولكنّها خالية من الكربون، مما يعني أنّ توليدها يبعث أو يكاد لا يبعث مستويات منخفضة من ثاني أكسيد الكربون، تمامًا مثل مصادر الطّاقة المتجدّدة.
- الطّاقة المائيّة (الكهرومائية): يمكننا استخدام خزان كبير لنصنع تدفّق مائي يمكننا التّحكم به، ليقود التوربينات لتوليد الكهرباء من خلال بناء سدّ أو حاجز، وقد تكون نتائج مصدر الطّاقة هذا مضمونة أكثر من الطّاقة الشّمسيّة أو طاقة الرّياح، خاصّةً إذا استخدمنا المدّ والجزر بدلاً من النّهر، كما أنّه يسمح أيضًا بتخزين الكهرباء لاستخدامها عند الحاجة.
- غاز الهيدروجين: إنه ناقل مهمّ للطّاقة، ووَقود بديل محتمَل للطّاقة النّظيفة، وله حصة بارزة في سوق الوقود العالمي، لكنّ إنتاج غاز الهيدروجين اليوم يتمّ بشكل كبير من الوقود الأحفوريّ مما يشكل تهديدًا للبيئة، إلا أنّ اعلماء اكتشفوا مؤخّرًا نسخة أكثر استدامة منه وهي الهيدروجين الحيوي، وهناك آمال في أن يتم اشتقاقها من النّفايات العضويّة القابلة للتّحلّل في المستقبل.
إيجابيات وسلبيّات استخدام الطّاقة البديلة
لكلّ مصدر فرديّ للطّاقة مجموعته الخاصّة من الإيجابيات والسّلبيات، بالإضافة إلى المتغيّرات التي يجب أنّ نأخذها بعين الاعتبار مثل الموقع والمناخ والفوائد المالية والأضرار التي تَلحق بالبيئة بشكل عام, ونَذكر هنا بعضها:
- تأتي الكتلة الحيويّة من حرق المواد العضويّة وهو استخدام فعّال للنّفايات، لكنّ هذه العمليّة تتطلّب مساحات كبيرة لطمر النّفايات وقد يَنتج عنها تلوّث نتيجة احتراق هذه المادة.
- طاقة الرّياح هي طاقة دائمة، وتوربينات الرّياح غير ضارة نسبيًا للحياة البرية المحيطة، وغير مُكلفة من جهة البناء والصّيانة.
- توجد كميّة غير محدودة من الطّاقة الشّمسيّة في ضوء الشّمس، إلا أنّ الألواح لا تُنتج الطّاقة إلا عندما تكون الشّمس مشرقة بسبب اعتمادها الكلّيّ على ضوء الشّمس، وهذا ما يجعل الألواح الشّمسيّة عديمة الفائدة إلى حدّ ما في الأيّام الملبّدة بالغيوم، أو أثناء الليل.
- خفض فواتير الكهرباء: بمجرد أن تدفع تكاليف تركيب نظام الطّاقة المتجدّدة، يقل اعتمادك على الشّبكة الوطنية للكهرباء، وتنخفض فواتير الطّاقة.
- تستطيع إعادة بيع الكهرباء، إذا كنت تقوم بتوليد طاقة فائضة عن حاجتك.
- سوف تقلّ بصمتك الكربونيّة؛ لأنّ مصادر الطّاقة الخضراء والمتجدّدة لا تطلق ثاني أكسيد الكربون، أو الملوّثات الضّارة الأخرى في الغلاف الجويّ.
هل الطّاقة البديلة فعّالة من حيث التكلفة؟
تّعتبَر الطّاقة الشّمسيّة من أرخص مصادر الطّاقة البديلة، فكما ذكرنا من قبل ستشرق الشمس دائمًا، حتّى وإن توفّرت في بعض الأيام أو البلدان فترات أطول من الشّمس، كما أنّ الرّياح هي أحد مصادر الطّاقة البديلة الفعّالة من حيث التّكلفة، نظرًا لأنّ بناء توربينات الرّياح رخيصة نسبيًا، وتتطلّب القليل من الصّيانة.
لماذا يجب أن ننتقل إلى مصادر الطّاقة البديلة؟
إنّ اعتمادنا على الوقود الأحفوريّ هو السّبب الرّئيسيّ للضّرر الذي لحق بالبيئة حتّى الآن، واليوم يمكننا إيقاف هذا الضّرر المستمرّ إذا انتقلنا إلى مصادر الطّاقة المتجدّدة، مثل الرّياح والطّاقة الشّمسيّة والطّاقة الكهرومائية، وإذا قمنا بتسخير قوّتها لإنتاج الكهرباء، عندها نستطيع خفض مستويات التّلوث على كوكب الأرض، مما يساعد بجديّة في الحفاظ على البيئة، ومع ارتفاع عدد سكان العالم ،يزداد الطّلب على الطّاقة من أجل تزويد منازلنا وأعمالنا ومجتمعاتنا بها، لذلك يُعدّ الابتكار والتّوسّع في مصادر الطّاقة المتجدّدة أمرًا أساسيًا للحفاظ على مستوى دائم من الطّاقة، وحماية كوكبنا من تغيّر المناخ.
المستقبل المشرق للطاقة البديلة
- من المتوقّع أن تُمثّل الألواح الشّمسيّة الكهروضوئية 9٪ من الطّلب العالمي بحلول عام 2030.
- بحلول عام 2050 يمكن تلبية احتياجاتنا من الطّاقة بنسبة 95٪ من الطّاقة المتجدّدة.
- تتوقّع شركة Price Waterhouse Cooper، أنّ إفريقيا في المستقبل يمكن أن تَعمل بطاقة متجدّدة بنسبة 100٪ بحلول عام 2050.
- على مدى العقود الأربعة الماضية، انخفض سعر الألواح الشّمسيّة الكهروضوئية بنسبة 99 ٪.
- أظهرت دراسة أمريكية أنّ الطّاقة المتجدّدة توفّر وظائف أكثر بثلاث مرّات من الوقود الأحفوريّ.
- تجاوز الاستثمار في الطّاقة المتجددة الاستثمار في الوقود الأحفوري؛ حيث تَبلغ قيمة سوق الطّاقة المتجدّدة العالميّ الآن أكثر من 250 مليار دولار.
الدّول المتنافسة في إنتاج الطّاقة البديلة
حسب تقرير تعزيز التّحوّل الفعّال للطّاقة 2021، حول التّقدّم العالمي في معالجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ النّاتجة من توليد الطاقة، فإنّ أكثر من 70٪ من البلدان التي تمّ تتبّعها أحرزت تقدّمًا في الوصول إلى الطّاقة والأمن، لكنّ 13 دولة فقط من أصل 115، حقّقت تحسينات مستمرّة على مدى السّنوات العشر الماضية، وقد تصدرت السّويد والنّرويج والدّنمارك أحدث مؤشّر لانتقال الطّاقة (ETI) للمنتدى الاقتصادي العالم.
أمّا الدّول العربية فهي تعمل على زيادة الطّاقة المتجدّدة لتوليد الكهرباء، بسبب إدراكها أنّ الاعتماد على الطّاقات التّقليديّة ربما يكون مسألة وقت، خاصّةً وسط التّحذيرات البيئيّة، وفي المقدّمة تَظهر مصر والسّعودية والإمارات والمغرب وهي دول تستقبل كميّات هائلة من الطّاقة الشّمسيّة، وهذا ما دفعها إلى وضع سياسات وخطط طموحة، لتطوير وتنفيذ مشروعات ضخمة في توليد الكهرباء من هذا المصدر النّظيف، فأصبح لكلّ منها مجمّعات للطّاقة الشّمسيّة توصف بأنّها الأكبر في العالم.
مصر
تَهدف مصر أنْ تُسهم مصادر الطّاقة المتجدّدة بنسبة 42% من إجمالي قدرة الشّبكة القوميّة للكهرباء في البلاد بحلول عام 2035، من بينها 22% من الخلايا الشّمسيّة، و14% من طاقة الرّياح، و4% من المركزّات الشّمسيّة و2% من الطّاقة المائيّة.
الإمارات
نجحت الإمارات في رفع قدرة توليد الطّاقة الشّمسيّة المتجدّدة لديها بنسبة تزيد عن 32% خلال عام 2020، على الرّغم من جائحة (كوفيد-19)، وتَهدف إستراتيجية الإمارات للطّاقة لعام 2050 الوصول إلى مزيج من مصادر الطّاقة المتجدّدة والنّووية والنّظيفة، ورفع إسهام الطّاقة النّظيفة في البلاد لـ50% من بينها 44% طاقة متجدّدة، مع خفض الانبعاثات الكربونيّة من إنتاج الكهرباء بنحو 70%، وفقًا للبوابة الرّسمية لحكومة الإمارات.
السّعودية
يَهدُف البرنامج الوطني للطّاقة المتجدّدة في السّعودية إلى استثمار نحو 60 مليار ريال سعودي في مشروعات للطّاقة النّظيفة، كما تسعى المملكة -بحسب غرفة الرّياض- إلى زيادة قـدرة التّوليد الفعليّـة لمصادر الطّاقة المتجدّدة، لما يقارب 58.7 غيغـاواط بحلـول عام 2030، منها 40 غيغاواط من مصدر الطّاقة الشّمسيّة.
المغرب
تَصل القدرة الإجمالية للطّاقات المتجدّدة في المغرب إلى 4 آلاف ميغاواط، تمثّل 37% من قدرة الكهرباء في البلاد، منها 750 ميغاواط طاقة شمسية، و1430 ميغاواط طاقة رياح، و1770 ميغاواط طاقة مائيّة، بحسب موقع وزارة الطّاقة والمعادن والبيئة بالمغرب.
في المستقبل… من المُتوقّع أن يستمرّ عدد مصادر الطّاقة المتجدّدة في الازدياد بسبب زيادة الطّلب على الطّاقة، فاليوم تُشكّل مصادر الطّاقة المتجدّدة 26٪ من الكهرباء في العالم، ولكن وفقًا لوكالة الطّاقة الدولية (IEA) من المتوقّع أن تصل حصّتها إلى 30٪ بحلول عام 2024، وذلك سيؤدّي إلى خفض أسعار مصادر الطّاقة المتجدّدة، فيصبح استخدامها في متناول الجميع، وهو أمر رائع لكوكبنا.
Share this content:
إرسال التعليق