أثر العولمة على اللغة العربية وسبل تحصينها
أثر العولمة على اللغة العربية وسبل تحصينها
تمهيد وتعريف
لغة الضاد لغة القرآن
فإن اللغة العربية لغة يتكلمها مئات الملايين ويقرأها المليارات من البشر. لغة القرآن والسنة المحمدية المطهرة, يكتب بحروفها عشرات الملل والأعراق واللغات.
لغة مقدسة
كذلك فإن اللغة العربيّة أو لغة الضاد هي واحدة من أكثر اللغات انتشاراً ضمن مجموعة اللغات الساميّة. اللغة العربيّة تعتبر لغةً مقدسة على اعتبار أنها لغة القرآن، حيث لا تتم الصلاة والعبادات في الدين الإسلامي إلا بإتقان اللغة العربيّة. وكذلك فإنها لغة شعائريّة لدى عددٍ من الكنائس المسيحيّة على امتداد الوطن العربي، وقد تمّت كتابة العديد من الأعمال الفكريّة والدينيّة اليهوديّة بها وتحديداً في العصور الوسطى.
كما تحتلّ اللغة العربية أهمية كبيرة عند المسلمين. فهي لغة مصادر التشريع الإسلامي القرآن والسنة النبوية، ولا تجوز الصلاة في الإسلام إلا بإتقانها.
تميز وابتكار
وتتميّز اللغة العربية بالبيان والبلاغة، وهي لغة الابتكار والتجديد تمتاز اللغة العربية بقدرتها على التكيّف والإبداع في مختلف العلوم: كالهندسة، والجبر، والطبّ، والفنون، والتجارب العلميّة، بالإضافة إلى ما وصلت إليه من الإبداع في مجالات الأدب والتأليف.
لغة الحجة
كما تقيم اللغة العربية الحجّة على الناس، فلا يجوز للإنسان أن يشهد بالله دون فهمه لما يشهد به؛ لأنّ العلم شرط من شروط الشهادة. حيث قال الله تعالى: (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ).
واقع اللّغة العربيّة في ظلّ تحدّي العولمة
-
اللّغة العربيّة بين الفصحى والعاميّة
أصبحت اللّغة العربيّة تواجه تحديّات وصعوبات. حيث تواجهه الأمّة العربيّة في عقر دارها هو التّحطيم و التّفكيك للغتها. إذ نجد أنّ بعض الحملات الاستعماريّة استهدفت اغتيال الفصحى بالدّعوة إلى العاميّة زعمًا “أنّها السّبيل إلى مجاراة ركب الحضارة ” .
فقد تبين حقيقة العاميّة في كتاب ” اللّغة العربيّة الفصحى”. بقوله: “إنّ العاميّات العربيّة هي في هذا الواقع بعيدة عن الفصحى و ليست قريبة منها.
و كذلك هناك من ينظر إلى العربيّة على أنّها لغة صعبة، قواعدها معقّدة، لذا يقومون بالبحث عن البديل الأيسر والأسهل، ولا يوجد ذلك إلّا في العاميّة لغة الاستعمال اليوميّ، ولكن هذه الصّعوبة المزعومة تجعلهم ينفرون من تعلّم الفصحى.
أمّا مزاحمة العاميّة للفصحى فلا يعني إلغاءها أو زوالها، ولكن التّباين العريض بين الفصحى والعاميّة في مستوى التّركيب النّحويّ في القواعد والإعراب والصّرف، قد يؤثّر سلبًا على عمليّة التّعليم وفي الاستيعاب لحقائق العربيّة.
-
التّحدّيّات التي تواجه اللّغة العربيّة
كما واجهت اللّغة العربيّة تحدّي العولمة، الذي يعطي السّيطرة للغات صاحبة الإنجازات الكبرى، في المجالات التّقنيّة والاقتصاد، ويجعلها مسيطرة على ثقافات أخرى كاملة بلغاتها.
بالإضافة إلى مزاحمة اللّغات الأخرى لها، والغزو الفكريّ الوافد من الأمم الأخرى، والمتمثّل أخيرًا في العولمة التي تريد ابتلاع ثقافات الأمم والشّعوب، والقضاء على هذا التّنوّع اللّسانيّ في العالم.
طبيعة ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ وأثرها ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻐﺔ العربيّة
مفهوم العولمة
وﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ، ﻓﺈﻥّ مصطلح العولمة يعني إزالة الحدود ومحو الفواصل بين الثّقافات والدول والشّعوب، في شتّى المجالات السّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة والفكريّة، وقد خطّط الغرب لإبعاد العرب عن تراثهم وتاريخهم ولغتهم منذ أمدٍ بعيدٍ، وقد تركت العولمة آثارًا على العرب بشكل عام وعلى اللّغة العربيّة بشكلٍ خاص.
-
ايجابيّات وسلبيّات العولمة
و بناء عليه فأنّ اللّغة العربيّة لم تَرتَقِ لغاية الآن إلى مستوى أن تصبح أحد لغات الثّقافة العالميّة الأكثر انتشارًا على مستوى العالم، ولكن لا بدّ من التّأكيد على أنّ اللّغة العربيّة استفادت من تطوّر وسائل النّقل والاتّصال وبخاصّة خدمة الانترنت والفضائيّات.
وكذلك فقد استفادت اللّغة العربيّة من أدوات الطّباعة والنّسخ السّريع. ما مكّن الباحثين والأدباء العرب من إنجاز أعداد كبيرة من الكتب والبحوث والدّراسات باللّغة العربيّة.
-
أثر العولمة على اللّغة العربيّة بوصفها وسيلة اتّصال
“ساهمت العولمة في الانفجار المعرفيّ، إذ تزايدت العلوم في جميع نواحيها رأسيًّا وأفقيًّا نتيجة للتّقدّم العلميّ، وهذا أدّى بدوره إلى ازدياد موضوعات الدّراسة في المادّة الواحدة، كما تفرّعت الموضوعات وتشعّبت مجالاتها، وظهرت علوم جديدة”([18]). وكذلك شهد عصرنا تطوّرًا سريعًا في وسائل الإعلام والاتّصال فاق كلّ تصوّر. وانعكس ذلك على كل نواحي الحياة، واتّضح ذلك في أنماطها السّلوكيّة.
التّوصيات
- التّوسّع في استخدام اللّغة العربيّة الفصحى بمختلف الدول العربيّة من خلال وسائل الإعلام المرئيّة والمقروءة والمسموعة.
- لابد من التّنسيق بين المنظّمات ومجامع اللّغة العربيّة. من أجل وضع خطّة شاملة لتعليم اللّغة العربيّة، والعناية بالمناهج الدّراسيّة.
- تقديم الحوافز الماليّة والمعنويّة للنّاشرين العرب باللّغة العربيّة بشكلٍ عام، خاصّة تلك المؤلّفات المتعلّقة بأسس تعليم اللّغة العربيّة ونشرها.
- الاعتناء أكثر بإعداد مدرّس اللّغة العربيّة وفق أسس علميّة منهجيّة تمكّنه من صقل شخصيّته العلميّة.
- الاستعانة في تدريس اللّغة العربيّة بالوسائل السّمعيّة والبصرية الحديثة، لمختبرات اللّغة وأجهزة الاستماع، والأشرطة المرئيّة، والشّرائح المصوّرة، وأقراص الحاسوب. .
- الاهتمام ببرامج تعليم العربيّة لغير النّاطقين بها، المقروءة منها والمسموعة والمرئيّة.
- ضرورة قيام المؤسّسات التّعليميّة بتعريب التّعليم وترجمة العلوم المختلفة حتّى يتيسّر فهم تلك العلوم واستيعابها وجعلها في متناول الطلّاب.
المصدر
Tag:العولمة, سلاح ذوحدين, لغة مقدسة