ماذا يجري في لبنان؟

لكي نعرف ونلم ونحيط بالمسألة اللبنانية لا بد من ان ننطلق من التاريخ والجغرافيا و علم الإجتماع حتى نستطيع تشخيص المسألة اللبنانية بإحاطة علمية كاملة نبني على أساسها تشخيصنا لكل ما يجري في لبنان ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

لبنان لمن لا يعرف لم يكن يوما دولة قائمة بذاتها، بل هو تاريخيا وجغرافيا لا يعدو عن كونه جبلا كان ملاذا للاقليات وسكنا آمنا للمسيحيين والدروز لمئات من السنين خلت وخصوصا بعد الفتح الاسلامي لبلاد الشام.

لم يعرف هذا الكيان النائي المنعزل الحياة الطبيعية إلا بعد انتهاء الدولة العثمانية وضم اربع مدن حيوية من بلاد الشام لهذا الجبل وهي بيروت صيدا طرابلس والبقاع، تلك المدن المتمتعة باغلبية اسلامية سنية متمدنة، وبحياة اجتماعية راقية، وبمرافئ مهمة على البحر المتوسط وتواصل طبيعي مع دمشق وسائر الاقطار العربية من خلال سهل البقاع.

عام ١٩٢٠ اعلن الانتداب الفرنسي قيام دولة لبنان الكبير انطلاقا من جبل لبنان كنواة لهذا البلد المستجد محاطا بالمدن الساحلية وسهل البقاع، رفض أهل المدن هذا الكيان المستحدث ورأوا فيه انسلاخا عن الوطن العربي والاسلامي الأم، كما وجد المسيحيون أنفسهم غارقين في محيط عربي واسلامي يتمتع بسمات الحضارة والنمو الاقتصادي والاجتماعي المتماهي مع الوطن العربي وهم الرافضين لهذا التماهي منذ مئات السنين. ومن هنا بدأ هذا البلد بداية وضعته منذ تأسيسه على خطى الاختلاف والنزاع على الهوية والانتماء والتي ادت به دائما الى الحروب والصراعات على مدى مئة عام من تاريخه الحديث.
أي لبنان نريد ؟!!! تلك هي المسألة…

وسنتايع بإذن بسلسلة من المقالات المتسلسلة إضاءتنا على المسألة اللبنانية ونمر على كل المراحل التاريخية المنصرمة منذ مئة عام وحتى الساعة لنصل الى حاضرنا مدعمين ومستنيرين بالوقائع والحقائق التاريخية حتى نكون منصفين محصنين بإلمام علمي عن ماذا نتحدث ونسرد ونوصف ونحلل ونستنتج.