المجتمع والقيم: هل ينفضلان؟
المجتمع والقيم: هل ينفصلان؟
القيم والمثل والضمير
إنها ليست مجموعة مثاليات ولا مصطلحات بل هي مفاتيح النجاح في المجتمعات, وخلافها هو الفشل والانهيار, وخلو أي عمل أو جهد من القيم يؤدي إلى تفريغه من مضمونه ومرامه وجعله مطية, وهذا سينعكس رداءةً في الأداء وسوءاً في النتائج وضرراً اجتماعياً وإقتصادياً ونفسياً يعم الأعم الأغلب من المجتمع في مقابل قلة من المنتفعين والمستنفعين يعيشون على تصفية واستنزاف المشاريع والجمعيات والمؤسسات بسوء إدارتها.
إضاءة المصطلحات
وحتى لا أكون مستخدماً لمصطلحات فضفاضة دون تحديد ماهيتها ومقصدها, سأنطلق من الصدق والمصداقية, والأمانة والزهد والتعفف, والعلم والتخصص وإتقان العمل, والإيثار والتضحية, كمفاتيح للنجاح, وخصوصاً معرفة وإدراك مقصد العمل الذي نقوم به, فنُحيي الروح فيه ونقوم على مقصده أو كما قال أحد الحكماء وهي قاعدة شرعية إسلامية تدل على كيفية الإخلاص في أداء العمل وهي:” فعل ما ينبغي كما ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي “.
إقرأ أيضا كيف كنا وأين أصبحنا؟
المصلحة الفردية
الإستقامة والتي من دونها لا جدوى من الإلتزام بالدين وكثرة العبادات, فالملتزمين كثر يطغى التزامهم الطقسي الشعائري على دينهم فهم أسرى الإلتزام الذي يقود إلى الفردية والتعصب والتموضع والتمذهب, فيصبح الإلتزام هو نمط معيشة وأسلوب حياة ولكن بانفصال وانفصام ينعكس على السلوك والدور المجتمعي الصحيح والفعال للإنسان, وقد تتعارض مصلحة الفرد مع جوهر الدين ومقصده الحقيقي فلا يكترث لذلك لأن مقصده هو فردي لا جماعي وهو مقصد دنيوي بحت منفصل عن تقوى الشريعة واليقين على يوم القيامة والحساب.
إقرأ أيضا ما سبب الأزمة الأخلاقية التي تعصف بالمجتمع
جوهر الدين
أما جوهر الدين فهو يدعو إلى الدارين, الدنيا والآخرة, وأساس الدين هو الإستقامة كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :” قل آمنت بالله واستقم “, والإستقامة تتضارب في كثير من الأحيان مع أسلوب الحياة الفردي والمصالح الدنيوية المتجردة من روح الدين وجوهره, فيركن الكثيرون إلى الإلتواء والإعوجاج عوضاً عن الإستقامة بهدف تحقيق مكاسب دنيوية شخصية, ثمينة في الدنيا لكنها زائلة ومؤقتة ولا تخدم الصالح العام الحقيقي, وفي الآخرة تكون سببا لترجيح كفة السيئات على حساب الحسنات, تماما كما يحدث في المعاملات التجارية والإجتماعية بين الناس هذه الأيام إذ يطغى عليها الكذب والغش والإلتفاف والدوران وتصل إلى حد السرقة والإبتزاز والتلاعب بمصالح الناس والمجتمع, وكل ذلك بهدف تحقيق أكبر عدد ممكن من الاموال والممتلكات والمصالح والمناصب التي على الحقيقة هي أضرار ومفاسد تُرهق المجتمع بأسره, لأنها خالية من بركة الله ورضوانه ومليئة بل مفعمة بسخط الله وغضبه.
يوم الحساب
ويعود السبب الرئيسي لعدم الإستقامة والإعوجاج إلى أن الإيمان الحقيقي بالآخرة ويوم الحساب يكاد يكون منعدما لدى الكثير من الناس فهم لا يرون إلا العاجلة أي ما بين أيديهم من مصالح ويذرون الآخرة التي هي ميعاد كل البشر حيث هناك المصالح والمفاسد الحقيقية وهناك تُجنى الثروات من الحسنات ويُفلس الإنسان بحمله ملايين السيئات, فإما جنة وخلود ونعيم مقيم وإما نار وسعير وعذاب مهين, إنه السبب الرئيسي والحقيقي للجوء الكثير من الناس إلى الإعوجاج والإلتواء: حب الدنيا وكراهية الموت وعدم الإيمان بيوم الدين.
المصادر