
بطاقة الأداء المتوازن: 7 أسباب تجعل استخدامها ضروريًا
تعتبر بطاقة الأداء المتوازن فلسفة إدارية تحقق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة من خلال تقويم الأداء المالي والتشغيلي والاستراتيجي وفق إطار متكامل من المقاييس المالية، وعلى هذا يمكن بلورة منهجية بطاقة الأداء المتوازن على النحو التالي.

ما هي بطاقة الأداء المتوازن؟
تعتبر بطاقة الأداء المتوازن فلسفة إدارية حديثة تتجاوز المقاييس المالية التقليدية لتقييم أداء المؤسسات. تم تقديمها بواسطة روبرت كابلان وديفيد نورتون في أوائل التسعينيات كإطار عمل يساعد المؤسسات على ترجمة استراتيجيتها إلى مجموعة متكاملة من مقاييس الأداء. الفكرة الجوهرية هي أن الاعتماد على المؤشرات المالية وحدها يقدم صورة غير مكتملة وقصيرة النظر، ولذلك لا بد من أن نوازن بين هذه المؤشرات ومؤشرات أخرى غير مالية تشمل رضا العملاء، وكفاءة العمليات الداخلية، وقدرات التعلم والنمو للموظفين.
منهجية بطاقة الأداء المتوازن
وضع الأهداف والأغراض:
مع الأخذ فى الاعتبار أن الأهداف تركز على القيم المراد تحقيقها أى المستهدفة، أما الأغراض فتركز على نمو المؤسسة، واتساع خدماتها، وزيادة إنتاجيتها، وزيادة أرباحها.
المقاييس والمبادرات:
مع الأخذ فى الاعتبار أن المقاييس عبارة عن أدوات تستخدم لقياس تقدم المؤسسة نحو الهدف. أما المبادرات فهي عبارة عن برامج جديدة تضاف إلى المؤسسة حتى ترتقى بأداء العاملين بها، فتزداد أو تتحسن الخدمة، أو زيادة رضا المستفيدين أو العملاء عن المؤسسة.
ولا شك أن التغيرات والتطورات السريعة التى يشهدها العالم الآن أثرت على نوعية وكمية المعلومات التى تحتاج إليها المؤسسة عند قياس وتقويم الأداء من أجل تحقيق أهدافها.
وبالتالي ظهرت الحاجة نحو تطوير مقاييس الأداء الحالية والتى تركز على الجوانب المالية دون غيرها، مع العلم أنه من المفيد للمؤسسة فى عالم اليوم أن تركز على مقاييس الأداء غير المالية. حتى يتحقق التكامل بينها من أجل إعطاء صورة شاملة عن أداء المؤسسة بشكل أفضل، وهنا يمكن بلورة أهمية استخدام بطاقة الأداء المتوازن على النحو الأتى.
أهمية استخدام بطاقة الأداء المتوازن
- التركيز على المؤسسة ككل من حيث بنودها الأساسية ونواحيها المختلفة والتى تتمثل فى النواحي المالية، والعملاء، والعمليات الداخلية، والتعليم والتعلم. من أجل التكيف مع البيئة الخارجية، واستثمار القدرات البشرية من أجل انجاز الهدف المنشود (البقاء والارتقاء).
- العمل على تكامل برامج المؤسسة مثل برنامج الجودة، برنامج إعادة الهندسة البشرية أو الهندرة، برنامج المبادرات من أجل تقديم خدمات أفضل للعملاء أو المستفيدين من هذه المؤسسة .مع محاولة الحفاظ على السمعة الطيبة لها من خلال أداء أفضل للعاملين.
- تحديد المقاييس الاستراتيجية للمستويات الإدارية الدنيا وخاصة صغار الموظفين، مع تحديد مطالبهم الخاصة من أجل الحصول على أداء متميز للمؤسسة ككل.
- جعل العاملين فى المؤسسة يعملون بشكل متوافق ابتداء من قمة الهرم حتى أسفله وذلك عن ربط أهداف المؤسسة باستراتيجيتها، وربط الأهداف الشخصية باستراتيجيتها أيضا، وبالتالى تتركز الجهود فى اتجاه واحد وهو الارتقاء بأداء المؤسسة.
- التركيز على وضوح استراتيجية المؤسسة، والحفاظ على استقرار البيئة الداخلية لها.
- الاهتمام بمواجهة مشكلات العنصر البشرى للمؤسسة.
- تمنح الوسائل الكافية لمراقبة مؤشرات القوى العاملة وتشخيص قضاياها.
- تقدم مدى واسع من قيادة العمليات التشغيلية لتقويم فاعلية الموارد البشرية.
- تحديد مجالات التطوير، وإعادة الاستراتيجيات، والآليات اللازمة للتنفيذ.
أبعاد بطاقة الأداء المتوازن
تستند بطاقة الأداء المتوازن على أربعة أبعاد مترابطة تقدم رؤية شاملة للمؤسسة، وتضمن عدم إغفال الجوانب غير المالية التي تقود إلى النجاح المالي المستقبلي. هذه الأبعاد هي:
البعد المالي (Financial Perspective)
هذا هو البعد التقليدي الذي تهتم به كل المؤسسات، لكن في سياق البطاقة المتوازنة، يتم ربط الأهداف المالية بالاستراتيجية العامة. على سبيل المثال، بدلا من التركيز فقط على “زيادة الأرباح”، يتم تحديد كيف سيتم تحقيق ذلك (مثلا، عبر زيادة القيمة للعملاء أو تحسين الكفاءة الداخلية). تشمل مؤشراته: العائد على الاستثمار، الربحية، ونمو الإيرادات. لمعرفة المزيد حول هذا الجانب يمكنك الالتحاق ببرنامج دبلوم إدارة الأعمال.
بعد العملاء (Customer Perspective)
يركز هذا البعد على كيفية رؤية العملاء للمؤسسة. ففي نهاية المطاف، رضا العملاء هو المحرك الأساسي للأداء المالي. من هنا، تطرح أسئلة جوهرية مثل: ما هي القيمة التي نقدمها لعملائنا؟ وكيف نحافظ على ولائهم؟ تشمل مؤشرات هذا البعد: مستوى رضا العملاء، معدل الاحتفاظ بالعملاء، والحصة السوقية.
بعد العمليات الداخلية (Internal Process Perspective)
للتميز في الأداء المالي وإرضاء العملاء، على المؤسسة أن تتفوق في عملياتها الداخلية. يحدد هذا البعد العمليات الأكثر حساسية والتي يجب على المؤسسة إتقانها. هكذا، يمكن أن تكون هذه العمليات مرتبطة بالابتكار (تطوير منتجات جديدة)، أو الكفاءة التشغيلية (تقليل التكاليف والوقت). هذا البعد يعتبر حجر الزاوية الذي يربط بين طموحات العملاء وقدرات المؤسسة الفعلية، وهو جزء أساسي في دراسة ماجستير إدارة الأعمال المهني MBA.
بعد التعلم والنمو (Learning and Growth Perspective)
يعتبر هذا البعد هو المحرك المستقبلي للأبعاد الثلاثة الأخرى. فهو يركز على الأصول غير الملموسة للمؤسسة: رأس المال البشري (مهارات الموظفين)، ورأس المال المعلوماتي (الأنظمة والشبكات)، ورأس المال التنظيمي (الثقافة التنظيمية والعمل الجماعي). كما يطرح أسئلة مثل: هل نمتلك المهارات اللازمة للمستقبل؟ وهل بيئة العمل تدعم الابتكار والتحفيز الوظيفي؟ الاستثمار في هذا البعد يضمن استدامة الأداء على المدى الطويل.
أهداف بطاقة الأداء المتوازن
تهدف بطاقة الأداء المتوازن إلى تحقيق مجموعة من الغايات التي تنقل المؤسسة من مجرد قياس الأداء إلى إدارته بشكل استراتيجي. بناء على ذلك، تشمل أهدافها الرئيسية ما يلي:
- ترجمة الاستراتيجية إلى عمل: تحويل الرؤية والرسالة الاستراتيجية من مجرد شعارات إلى أهداف ومقاييس واضحة ومترابطة يمكن للجميع فهمها وتنفيذها.
- تحقيق المواءمة المؤسسية: ربط أهداف الإدارات والأفراد بالأهداف الاستراتيجية للمؤسسة، مما يضمن أن كل الجهود تصب في نفس الاتجاه.
- جعل الاستراتيجية وظيفة الجميع: من خلال نشر أهداف البطاقة على كافة المستويات، يصبح كل فرد على دراية بدوره في تحقيق الصورة الكبرى.
- ربط الأداء بالمكافآت: توفير أساس موضوعي لربط نظام المكافآت والترقيات بمدى تحقيق الأهداف الاستراتيجية، مما يعزز الدافعية والالتزام.
فوائد بطاقة الأداء المتوازن
يقدم تطبيق بطاقة الأداء المتوازن مجموعة من الفوائد الملموسة التي تتجاوز مجرد قياس الأداء. علاوة على ذلك، من أبرز هذه الفوائد:
- تحسين اتخاذ القرار: توفر البطاقة لصناع القرار رؤية شاملة ومتوازنة، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات أكثر استنارة تأخذ في الحسبان التأثيرات المالية وغير المالية.
- تعزيز التواصل الداخلي: تعمل البطاقة كلغة مشتركة داخل المؤسسة، حيث توضح الأولويات الاستراتيجية وكيفية مساهمة كل قسم وفرد في تحقيقها.
- قياس الأداء غير المالي: تسلط الضوء على الأصول غير الملموسة مثل رضا العملاء، كفاءة العمليات، وخبرات الموارد البشرية التي تعتبر محركات رئيسية للنجاح المستقبلي.
كيفية تطبيق بطاقة الأداء المتوازن
يتطلب تطبيق بطاقة الأداء المتوازن منهجية منظمة لضمان نجاحها. يمكن تلخيص خطوات التنفيذ الأساسية فيما يلي:
- تحديد الرؤية والاستراتيجية: يجب أن تكون الخطوة الأولى هي توضيح الرؤية المستقبلية للمؤسسة وتحديد الاستراتيجية التنافسية.
- بناء بطاقة الأداء: يتم تحديد الأهداف والمقاييس والمستهدفات والمبادرات لكل من الأبعاد الأربعة (المالي، العملاء، العمليات، التعلم والنمو).
- نشر البطاقة على كافة المستويات: يجب توصيل البطاقة لجميع الموظفين، وربط أهداف الوحدات التنظيمية والأفراد بأهدافها.
- المراجعة والتحسين المستمر: البطاقة ليست أداة ثابتة؛ بل يجب مراجعتها بشكل دوري للتأكد من أنها لا تزال ملائمة ولإجراء التحسينات اللازمة.
ومع ذلك، يواجه التطبيق تحديات محتملة مثل مقاومة التغيير، صعوبة تحديد المقاييس المناسبة، والحاجة إلى دعم والتزام كامل من الإدارة العليا.
الفرق بين بطاقة الأداء المتوازن ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)
غالبا ما يتم الخلط بين المفهومين، ولكن هناك فرق جوهري. مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) هي مقاييس فردية تستخدم لتتبع أداء نشاط معين (مثل “معدل تحويل العملاء الجدد”). أما بطاقة الأداء المتوازن، فهي نظام إدارة استراتيجي شامل يستخدم مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية المترابطة عبر الأبعاد الأربعة لترجمة وتنفيذ الاستراتيجية بأكملها. بعبارة أخرى، الـ KPIs هي جزء من بطاقة الأداء المتوازن، ولكن البطاقة هي الإطار الأوسع الذي يعطي لهذه المؤشرات معنى وسياقا استراتيجيا.
خاتمة: هل بطاقة الأداء المتوازن أداة تقييم أم استراتيجية قيادة؟
في نهاية المطاف، تتجاوز بطاقة الأداء المتوازن كونها مجرد أداة تقييم أداء. هي في جوهرها أداة قيادة استراتيجية. بينما توفر التقييم اللازم، فإن قوتها الحقيقية تكمن في قدرتها على مواءمة المؤسسة بأكملها حول رؤية واحدة، وتعزيز ثقافة تنظيمية قائمة على النتائج، وتمكين القادة من قيادة التغيير بفعالية، وهو ما يتم التركيز عليه في برامج برامج الماجستير المتقدمة.
الأسئلة الشائعة:
ما هي بطاقة الأداء المتوازن؟
هي إطار عمل للإدارة الاستراتيجية يستخدم لتقييم أداء المؤسسة من خلال أربعة أبعاد متكاملة: البعد المالي، بعد العملاء، بعد العمليات الداخلية، وبعد التعلم والنمو. الهدف هو تحقيق توازن بين المقاييس المالية وغير المالية لترجمة الاستراتيجية إلى أفعال.
ما هي بطاقة الأداء المتوازن في المؤسسات الحكومية؟
في المؤسسات الحكومية، يتم تكييف بطاقة الأداء المتوازن لتركز بشكل أكبر على تحقيق أهداف الخدمة العامة ورضا المواطنين بدلاً من الربحية. يصبح بعد u0022العملاءu0022 (المواطنون أو المستفيدون) هو المحرك الأساسي، ويتم قياس النجاح بمدى تحقيق الرسالة والقيمة العامة.
ما هي بطاقة الأداء المتوازن في وزارة الصحة؟
في وزارة الصحة، تُستخدم البطاقة لتحقيق التوازن بين الأهداف الصحية، كفاءة التكاليف، جودة الخدمة للمرضى، وتطوير الكوادر الطبية. على سبيل المثال، قد تشمل المقاييس: خفض معدلات العدوى (عمليات داخلية)، تقليل وقت انتظار المرضى (بعد العملاء)، التحكم في تكاليف الأدوية (البعد المالي)، وتدريب الأطباء على تقنيات جديدة (التعلم والنمو).
ما هو مبدأ بطاقة الأداء المتوازن؟
المبدأ الأساسي هو أن u0022ما لا يمكن قياسه، لا يمكن إدارته أو تحسينهu0022. وتقوم على فكرة أن الاعتماد على المؤشرات المالية وحدها لا يكفي للنجاح على المدى الطويل، وأن الأداء المستدام يتطلب موازنة بين تحقيق الأهداف المالية، وإرضاء العملاء، وتحسين العمليات، والاستثمار في القدرات المستقبلية.
المراجع والمصادر
- Balanced Scorecard: Literature Review and Implementation in Organization – Neliti
- Perceived benefits of balanced scorecard implementation: Some preliminary evidence
- What Do We Know About Balanced Scorecard and Its Benefit? A Systematic Literature Review – ResearchGate
- Balanced Scorecard: History, Implementation, and Impact – MDPI