تاريخ علم الاجتماع
ظهر علم الاجتماع من عصر التنوير رغم أنه كان، بعد فترة قصيرة من الثورة الفرنسية، علمًا وضعيًا يتعامل مع المجتمع. وتعود نشأته إلى العديد من الحركات الرئيسية المتنوعة في فلسفة العلوم وفلسفة المعرفة. ومع ذلك، وفي نطاق أوسع، فإن التحليل الاجتماعي له أصوله في المخزون العام للفلسفة، وبالتالي، فإنه بالضرورة يسبق هذا المجال. وقد ظهر علم الاجتماع الأكاديمي المعاصر كرد فعل للحداثة والرأسمالية والتمدد الحضري والعقلانية والعلمانية، حيث كان يوفر اهتمامًا خاصًا بظهور الدولة القومية، والمؤسسات المكونة لها، ووحدات التنشئة الاجتماعية الخاصة بها، بالإضافة إلى وسائل المراقبة المتعلقة بها. وغالبًا ما يميز التركيز على مفهوم الحداثة، وليس التنوير خطاب علم الاجتماع عن الخطاب المرتبط بالفلسفة السياسية الكلاسيكية.[1]
وخلال فترة قصيرة نسبيًا، توسع النظام وتنوع بشكل كبير، من الناحية الموضعية ومن الناحية المنهجية، خصوصًا نتيجة ردود الأفعال الضخمة المنددة بالتجريبية. وتتميز النقاشات التاريخية بشكل كبير بالنزاعات النظرية حول أولوية الهيكل أم القدرة. وقد مالت النظرية الاجتماعية المعاصرة تجاه محاولة حل تلك المعضلات. وقد أدت التحولات اللغوية والتحولات الثقافية في منتصف القرن العشرين إلى زيادة المنهجيات التفسيرية والفلسفية لتحليل المجتمع. وعلى النقيض، فقد شهدت العقود الأخيرة طفرة في التقنيات الصارمة التحليلية والحسابية.
وقد أصبحت تقنيات الأبحاث الاجتماعية الكمية أدوات شائعة تستخدمها الحكومات والشركات والمنظمات، كما شاع استخدامها كذلك في العلوم الاجتماعية الأخرى. وقد منح ذلك للأبحاث الاجتماعية درجة من الاستقلالية عن نظام علم الاجتماع. وبنفس الطريقة، فقد أصبح مصطلح “العلوم الاجتماعية“ مصطلحًا شاملاً يشير إلى الأنظمة التي تدرس المجتمع أو الثقافة البشرية. وفي الماضي، كان ينظر إلى علم الاجتماع وكذلك إلى العلوم الاجتماعية الأخرى على أنها أقل من مستوى العلم الأخرى، مثل العلوم الطبيعية. وفي فترة متأخرة للغاية، بدأ النظر إلى علم الاجتماع على أنه علم ضروري وهام، وبالتالي يجب احترامه.
تحميل الكتاب