الألعاب الالكترونية تقود أطفالنا إلى اين؟
الألعاب الالكترونية تقود أطفالنا إلى اين؟
تعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية إن لم تكن الأهم، فأثر التربية والتعليم في هذه المرحلة يستمر مع الفرد طوال حياته، فهي المرحلة التي يتلقى فيها الطفل التعلم بشكل مكثف، والطفل في هذه المرحلة مثل الصلصال الذي يسهل تشكيله، وهي المرحلة التي نشاهد فيها محاكاة الطفل لتصرفات الغير، وينبغي أن يكون لدى الوالدين ومقدمي الرعاية للطفل في هذه المرحلة الوعي الكافي بالمهارات اللازمة لتوفير بيئة مناسبة للتعليم المبكر والتفاعل مع الطفل، وكذلك الوعي بالمؤشرات التي تنذر بتعثر الطفل.
تعتبر الألعاب مهمة في مرحلة الطفولة، كما أنها وسيلة للترفيه وتفريغ الطاقات والقدرات فإن هناك ألعاب تُعد وسائل للتعليم وتنمية المواهب لدى الأطفال، ولقد اختلفت الألعاب بسبب التغيرات المجتمعية والتكنولوجية، فمن المشاهد أن أطفال اليوم يقضون الكثير من الوقت باستخدام الأجهزة الإلكترونية.
ولم تقتصر الثورة التكنولوجية على مجال الاتصال، بل أن هذه الثقافة الرقمية الحديثة أصبحت هامة في حياة الناس في تسوقهم وتنقلهم وفي جانب الترفيه ومن ذلك الألعاب الإلكترونية، ونرى أن الألعاب الإلكترونية لا تقتصر على مرحلة الطفولة، فالألعاب المتاحة عبر الانترنت تناسب جميع الأعمار، كما أن امتلاك الأجهزة يعد فرصة للحصول على أنواع مختلفة من الألعاب الإلكترونية، وتعرف بأنها: “ألعاب محاكاة في أماكن افتراضية في فضاء الانترنت تعيش في قلوب اللاعبين دون أجسادهم” (1)، ولعل التقنيات الحديثة التي تتميز بها هذه الألعاب في طريقة عرضها للرسوم والصور إضافة إلى سهولة المشاركة على نطاق واسع أدت إلى انجذابهم لها، بالإضافة إلى سرعة التجديد من قبل المطورين، وعند الحديث عن المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص فإن الكثير من الأسر يمتلك فيها كل فرد جهاز خاص به على اختلاف مراحلهم العمرية “فقد بلغ الإنفاق على الألعاب الإلكترونية في المملكة العربية السعودية في عام 2009 (400 دولار سنويًا) لكل فرد مشارك في هذه الألعاب” (2)، ” وكشفت بيانات عالمية حديثة أن المستخدمين حول العالم أنفقوا العام الماضي ما قيمته 87.7 مليار دولار على الألعاب الإلكترونية، ووفقا لموقع “ستاتيستا” العالمي المتخصص في إحصاءات الاقتصاد والعالم الرقمي، فقد حققت الألعاب الالكترونية العالمية هذه الإيرادات رغم أنها مجانية، إذ أنفق اللاعبون هذا المبلغ على ميزات إضافية وسلع افتراضية ضمن هذه الألعاب التي لاقت إقبالا كبيرا من قبل المستخدمين لا سيما شريحة المراهقين منهم” (3).
ومن الطبيعي أن يكون لهذه الألعاب جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وتوصلت دراسة الباحث عبدالرزاق إلى عدد من الإيجابيات التي تتميز بها الألعاب الإلكترونية أبرزها التسلية والترفيه وتنمية الذاكرة وسرعة التفكير ووسيلة للتعلم وسهولة في استخدام التكنولوجيا الحديثة، كما توصلت إلى عدة سلبيات أهمها العزلة والانطواء، والعنف وتحطيم لبعض العادات والقيم لدى الأطفال، كما قد تسبب بعض الأمراض الصحية كالبدانة وإجهاد العينين والتوتر(4) ، وترى هناء الحنيطي “أن استخدام الألعاب الإلكترونية ذات الطابع العنيف بكثرة يؤدي إلى تأصيل فكرة الجريمة لدى الشباب وكيفية ارتكابها وتنمية مهارات العنف والعدوان وتعلم طرق النصب والاحتيال واستخدام الألفاظ النابية مما يؤدي بهم إلى العمل على ترويج الأفكار العدائية وارتكاب الجريمة التي تتعارض مع الدين والعادات والقيم وعدم الولاء والانتماء للمجتمع”(5)، كما أشارت نظرية التعلم الاجتماعي إلى “أن السلوك العدواني (سلوك العنف) يتم اكتسابه من خلال التجربة المباشرة (التجربة والخطأ)، أو بملاحظة سلوك الآخرين أو بالطريقتين معاً، وذلك من خلال التعلم الاجتماعي لهذا السلوك” (6).
وقد أوضحت بعض النتائج في دراسة مطر “أن ما نسبته (84.51%) يفضلون ممارسة ألعاب القتال والحروب، وقد يرجع ذلك إلى أن معظم التلاميذ قد تستهويهم طبيعة الألعاب التي تحتوي على مشاهد تتسم بالطابع القتالي والعنف نتيجة الرغبة في تقليد ومحاكاة ما يشاهدونه من أحداث وصراعات وحروب، وكذلك أيضًا اعتقاد معظم التلاميذ أن ممارسة هذا النوع من الألعاب الإلكترونية يمنحهم الإيحاء بمظاهر القوة والانتصار على الآخرين” (7)، كما أوضحت نتائج دراسة ابن الهدلق على “أن (76.25%) من طلاب التعليم العام يرون أن بعض الألعاب الإلكترونية تشجع على العنف، كما أن العنف يتضاعف بلعب الألعاب ذات التقنية العالية التي تتسم بها ألعاب اليوم” (8).
ومن غير الممكن منع الفرد كليّاً من الألعاب الإلكترونية ولا سيما أننا في زمن التكنولوجيا، ولكن ينبغي على الأسر تقنين ساعات استخدام الأجهزة للأطفال والمراهقين وذلك من خلال تحديد وقت استخدام الجهاز وهذه الخدمة متوفرة في الأجهزة الحديثة، وكذلك الرقابة من قِبل الوالدين وتثقيفهم بأضرار هذه الألعاب الإلكترونية، وتوعيتهم بالأضرار التي قد تسببها الألعاب التي فيها ممارسة للعنف، ومن المهم أن تحرص الأسر على أن يكون هناك وقت يمارس فيه الطفل الألعاب الحركية بعيدًا عن الأجهزة لتفريغ الطاقة.
إعداد: عائشة الحربي.
المراجع:
- الحضيف، يوسف (2010). هناك حياة افتراضية رائعة، دراسة منشورة، مجلة المعرفة، وزارة التعليم، العدد220، المملكة العربية السعودية، الرياض.
- النفيعي، منيف (2009). سوق الألعاب الإلكترونية أرباح عالية البلاي ستيشن والجيم بوي. جريدة الاقتصادية، العدد5567، الرياض.
- المبيضين، إبراهيم. (19/1/2019). إنفاق 87.7 مليار دولار على الألعاب الإلكترونية العام الماضي. تم استرجاعها بتاريخ 23/11/2019 من: https://cutt.us/ax6G6
- عبدالرزاق، سعيد. (2018). الألعاب الإلكترونية والأطفال “قراءة في الإيجابيات والسلبيات”. جامعة الجزائر، الجزائر.
- الجعفري، حنين. (25/10/2018) هل تكون الألعاب الإلكترونية مصدرًا للعنف؟ تم استرجاعها بتاريخ 1/11/2019 من: https://cutt.us/fOEWY
- محمد، عادل عبدالجواد (2007). الألعاب الإلكترونية وثقافة العنف، الأمن والحياة، العدد304، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
- مطر، محمد السيد (2016). ممارسة الألعاب الإلكترونية في وقت الفراغ وعلاقتها بالسلوك العدواني لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية بمحافظة الدقهلية، المجلة العلمية لعلوم التربية البدنية والرياضية، العدد27، جامعة المنصورة، المنصورة.
- ابن الهدلق، عبدالله بن عبدالعزيز (2013). إيجابيات وسلبيات الألعاب الإلكترونية ودوافع ممارستها من وجهة نظر طلاب التعليم العام بمدينة الرياض، مجلة القراءة والمعرفة، العدد138، جامعة عين شمس، القاهرة.